responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 283
الْمَشْرُوطِ، وَهُوَ قَوْلُنَا أَنْتِ طَالِقٌ فِي قَوْلِنَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ، إذَا أُخِذَ مُجَرَّدًا عَنْ الشَّرْطِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أَنْتِ فِي أَنْتِ طَالِقٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِكَلَامٍ بَلْ مَجْمُوعُ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ كَلَامٌ وَاحِدٌ فَلَا يَكُونُ مُوجِبًا لِلْحُكْمِ عَلَى جَمِيعِ التَّقَادِيرِ كَمَا زَعَمَ (فَعَلَى هَذَا) أَيْ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ، وَهُوَ أَنَّهُ اعْتَبَرَ الْمَشْرُوطَ بِدُونِ الشَّرْطِ، وَنَحْنُ اعْتَبَرْنَا الْمَشْرُوطَ مَعَ الشَّرْطِ (الْمُعَلَّقِ بِالشَّرْطِ) نَحْوُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ انْعَقَدَ سَبَبًا عِنْدَهُ لَكِنَّ التَّعْلِيقَ أَخَّرَ الْحُكْمَ إلَى زَمَانِ وُجُودِ الشَّرْطِ (عَلَى مَا ذَكَرْنَا) مِنْ أَنَّ الْمَشْرُوطَ بِدُونِ الشَّرْطِ مُوجِبٌ لِلْحُكْمِ عَلَى جَمِيعِ التَّقَادِيرِ، وَالتَّعْلِيقُ قَيَّدَ الْحُكْمِ بِتَقْدِيرٍ مُعَيَّنٍ، وَأَعْدَمَ الْحُكْمَ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ التَّقَادِيرِ فَصَارَ أَنْتِ طَالِقٌ سَبَبًا لِلْحُكْمِ، وَيَكُونُ تَأْثِيرُ التَّعْلِيقِ فِي تَأْخِيرِ الْحُكْمِ لَا فِي مَنْعِ السَّبَبِيَّةِ (فَأَبْطَلَ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ بِالْمِلْكِ) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ انْعَقَدَ سَبَبًا عِنْدَهُ فَإِنَّ وُجُودَ الْمِلْكِ شَرْطٌ عِنْدَ وُجُودِ السَّبَبِ بِالِاتِّفَاقِ، وَالْمُعَلَّقُ انْعَقَدَ سَبَبًا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِذَا عُلِّقَ الطَّلَاقُ أَوْ الْعَتَاقُ بِالْمِلْكِ فَالْمِلْكُ غَيْرُ مَوْجُودٍ عِنْدَ وُجُودِ السَّبَبِ فَيَبْطُلُ التَّعْلِيقُ (وَجُوِّزَ تَعْجِيلُ النَّذْرِ الْمُعَلَّقِ) فَإِنَّ التَّعْجِيلَ بَعْدَ وُجُودِ السَّبَبِ قَبْلَ: وُجُوبُ الْأَدَاءِ صَحِيحٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلَا يُطَابِقُ أُصُولَهُمْ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَعَلَّقُ إلَّا بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ بَلْ لَا مَعْنَى لَهُ إلَّا الْخِطَابُ الْمُتَعَلِّقُ بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ، وَلِهَذَا صَرَّحُوا فِي نَحْوِ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3] وَ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ بِقَرِينَةِ دَلَالَةِ الْعَقْلِ عَلَى أَنَّ الْأَحْكَامَ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ دُونَ الْأَعْيَانِ، وَذَهَبَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَمِنْ تَابَعَهُمَا إلَى أَنَّ الْحُكْمَ يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ كَمَا يَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ، وَمَعْنَى حُرْمَةِ الْعَيْنِ خُرُوجُهَا أَنْ تَكُونَ مَحَلًّا لِلْفِعْلِ شَرْعًا كَمَا أَنَّ حُرْمَةَ الْفِعْلِ خُرُوجُهُ مِنْ الِاعْتِبَارِ شَرْعًا فَلَا ضَرُورَةَ إلَى اعْتِبَارِ الْحَذْفِ أَوْ الْمَجَازِ، وَأَيْضًا مَعْنَى الْحُرْمَةِ الْمَنْعُ فَمَعْنَى حُرْمَةِ الْفِعْلِ أَنَّ الْعَبْدَ مُنِعَ عَنْ اكْتِسَابِهِ وَتَحْصِيلِهِ فَالْعَبْدُ مَمْنُوعٌ، وَالْفِعْلُ مَمْنُوعٌ عَنْهُ، وَهَذَا كَمَا يُقَالُ: لَا تَشْرَبْ هَذَا الْمَاءَ، وَهُوَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَمَعْنَى حُرْمَةِ الْعَيْنِ أَنَّهَا مُنِعَتْ عَنْ الْعَبْدِ تَصَرُّفًا فِيهَا فَالْعَيْنُ مَمْنُوعَةٌ وَالْعَبْدُ مَمْنُوعٌ عَنْهُ، وَذَلِكَ كَمَا إذَا صَبَّ الْمَاءَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ فَهَذَا أَوْكَدُ، وَأَبْلَغُ. وَذَكَرَ فِي الْمِيزَانِ أَنَّ الْمُعْتَزِلَةَ إنَّمَا أَنْكَرُوا حُرْمَةَ الْأَعْيَانِ لِئَلَّا يَلْزَمَهُمْ نِسْبَةُ خَلْقِ الْقَبِيحِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِنَاءً عَلَى أَنَّ كُلَّ مُحَرَّمٍ قَبِيحٌ، وَالْأَقْرَبُ مَا ذَكَرَ فِي الْأَسْرَارِ أَنَّ الْحِلَّ أَوْ الْحُرْمَةَ إذَا كَانَ لِمَعْنًى فِي الْعَيْنِ أُضِيفَ إلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا سَبَبُهُ كَمَا يُقَالُ: جَرَى النَّهْرُ فَيُقَالُ حُرِّمَتْ الْمَيْتَةُ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَهَا لِمَعْنًى فِيهَا، وَلَا يُقَالُ: حُرِّمَتْ شَاةُ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهَا لِاحْتِرَامِ الْمَالِكِ لَا لِمَعْنًى فِيهَا.
(قَوْلُهُ، وَعِنْدَنَا لَا يَنْعَقِدُ) أَيْ الْمُعَلَّقُ سَبَبًا لِلْحُكْمِ إلَّا عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ، وَلَهُمْ فِي بَيَانِ ذَلِكَ طَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُعَلَّقَ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ بِمَنْزِلَةِ جُزْءِ السَّبَبِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ الدُّخُولِ

اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 283
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست