responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 275
عَمَّا عَدَاهُ أَيْ مَا عَدَا ذَلِكَ الْوَصْفَ، وَالْمُرَادُ نَفْيُ الْحُكْمِ عَنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ بِدُونِ ذَلِكَ الْوَصْفِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25] خَصَّ الْحِلَّ بِالْفَتَيَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَيَلْزَمُ عِنْدَهُمْ عَدَمُ حِلِّ نِكَاحِ الْفَتَيَاتِ، أَيْ الْإِمَاءِ غَيْرِ الْمُؤْمِنَاتِ (لِلْعُرْفِ فَإِنَّ فِي قَوْلِهِ: الْإِنْسَانُ الطَّوِيلُ لَا يَطِيرُ يَتَبَادَرُ الْفَهْمُ مِنْهُ إلَى مَا ذَكَرْنَا، وَلِهَذَا يَسْتَقْبِحُهُ الْعُقَلَاءُ) ، وَالِاسْتِقْبَاحُ لَيْسَ لِأَجْلِ نِسْبَةِ عَدَمِ الطَّيَرَانِ إلَى الْإِنْسَانِ الطَّوِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: الْإِنْسَانُ الطَّوِيلُ، وَغَيْرُ الطَّوِيلِ لَا يَطِيرُ لَا يَسْتَقْبِحُهُ الْعُقَلَاءُ فَعُلِمَ أَنَّ الِاسْتِقْبَاحَ لِأَجْلِ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ غَيْرَ الطَّوِيلِ يَطِيرُ (وَلِتَكْثِيرِ الْفَائِدَةِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ تِلْكَ الْفَائِدَةُ لَكَانَ ذِكْرُهُ تَرْجِيحًا مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَدُلَّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهُ لَكَانَ الْحُكْمُ فِيمَا عَدَا الْمَوْصُوفِ ثَابِتًا فَتَخْصِيصُ الْحُكْمِ بِالْمَوْصُوفِ يَكُونُ تَرْجِيحًا مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ تَقْدِيرُ عَدَمِ الْمُرَجِّحَاتِ الْأُخَرِ كَالْخُرُوجِ مَخْرَجَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى أَنَّ كُلَّ صُورَةٍ تَخْلُو عَنْ فَائِدَةٍ أُخْرَى يَفْهَمُ مِنْهُ أَهْلُ اللِّسَانِ هَذَا الْمَعْنَى فَلَوْلَا أَنَّهُمْ عَارِفُونَ أَنَّهُ لُغَةٌ لَمَا فَهِمُوهُ، الثَّانِي أَنَّ الْحَمْلَ عَلَى إثْبَاتِ الْمَذْكُورِ، وَنَفْيِ غَيْرِهِ أَكْثَرُ فَائِدَةً مِنْ إثْبَاتِ الْمَذْكُورِ وَحْدَهُ، وَتَكْثُرُ الْفَائِدَةُ مِمَّا يُرَجَّحُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ لِكَوْنِهِ مُلَائِمًا لِغَرَضِ الْعُقَلَاءِ فَإِنْ قِيلَ: فَحِينَئِذٍ تَتَوَقَّفُ دَلَالَتُهُ عَلَى النَّفْيِ عَنْ الْغَيْرِ عَلَى تَكْثِيرِ الْفَائِدَةِ إذْ بِهِ تَثْبُتُ وَتَكْثُرُ الْفَائِدَةُ إنَّمَا يَحْصُلُ بِدَلَالَتِهِ عَلَى النَّفْيِ عَنْ الْغَيْرِ، وَذَلِكَ دَوْرٌ. أُجِيبَ بِأَنَّ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الدَّلَالَةُ هُوَ تَكَثُّرُ الْفَائِدَةِ عَقْلًا، وَهُوَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَوْ دَلَّ كَثُرَتْ الْفَائِدَةُ، وَلَا تَكْثُرُ الْفَائِدَةُ عَيْنًا، وَهُوَ حُصُولُهَا فِي الْوَاقِعِ، وَالْمُتَوَقِّفُ عَلَى الدَّلَالَةِ هُوَ تَكَثُّرُ الْفَائِدَةِ عَيْنًا لَا عَقْلًا، أَيْ حُصُولُهَا فِي الْوَاقِعِ لَا تَعَقُّلُ حُصُولِهَا عِنْدَ الدَّلَالَةِ، وَجَوَابُهُ ظَاهِرٌ، وَهُوَ أَنَّ الْوَضْعَ لَا يَثْبُتُ بِمَا فِيهِ مِنْ الْفَائِدَةِ بَلْ بِالنَّقْلِ فَلَمْ يَذْكُرْهُ لِظُهُورِهِ، الثَّالِثُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي التَّخْصِيصِ بِالْوَصْفِ الدَّلَالَةُ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَنْ الْغَيْرِ لَكَانَ ذِكْرُ الْوَصْفِ تَرْجِيحًا بِلَا مُرَجِّحٍ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ عَدَمُ الْفَوَائِدِ الْأُخَرِ، وَاللَّازِمُ ظَنٌّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ تَخْصِيصُ كَلَامِ آحَادِ الْبُلَغَاءِ بِشَيْءٍ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ مُرَجِّحَةٍ فَكَلَامُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَجْدَرُ، وَلَيْسَ هَذَا إثْبَاتًا لِلْوَضْعِ بِمَا فِيهِ مِنْ الْفَائِدَةِ بَلْ بِالِاسْتِقْرَاءِ عَنْهُمْ أَنَّ كُلَّ مَا ظُنَّ أَنْ لَا فَائِدَةَ فِي اللَّفْظِ سِوَاهُ تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا، وَهَذَا كَذَلِكَ فَانْدَرَجَ فِي الْقَاعِدَةِ الْكُلِّيَّةِ الِاسْتِقْرَائِيَّة، وَلَا يَجْرِي هَذَا فِي مَفْهُومِ اللَّقَبِ؛ لِأَنَّ الْمُرَجِّحَ هُنَاكَ ظَاهِرٌ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعَبَّرْ عَنْهُ بِالِاسْمِ لَاخْتَلَّ الْمَقْصُودُ لَا يُقَالُ الْمُرَجِّحُ هُوَ نَيْلُ ثَوَابِ الِاجْتِهَادِ بِأَنْ يُقَاسَ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ عَلَى الْمَنْطُوقِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: مَحَلُّ الْقِيَاسِ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِمَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ لِمَا مَرَّ، الرَّابِعُ أَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالشَّيْءِ الْمَذْكُورِ صِفَتُهُ مُشْعِرٌ بِعِلِّيَّةِ الْوَصْفِ لِلْحُكْمِ فَيَقْتَضِي عَدَمَ الْحُكْمِ عِنْدَ عَدَمِ ذَلِكَ الْوَصْفِ لِانْتِفَاءِ الْمَعْلُولِ بِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ.
(قَوْلُهُ وَعِنْدَنَا لَا يَدُلُّ؛ لِأَنَّ مُوجِبَاتِ التَّخْصِيصِ لَا تَنْحَصِرُ فِيمَا ذُكِرَ) فَإِنْ قِيلَ: هَذَا اسْتِدْلَالٌ

اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 275
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست