responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 241
مَحَلِّ الْكَلَامِ أَوْ أَعَمَّ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَكُلٌّ مِنْهُمَا مُحْكَمٌ؛ لِأَنَّ الْإِخْبَارَ بِسُجُودِ الْمَلَائِكَةِ لَا يَقْبَلُ النَّسْخَ كَمَا أَنَّ الْإِخْبَارَ بِعِلْمِ اللَّهِ لَا يَقْبَلُهُ فَلِأَجَلِ هَذَا أَوْرَدْت مِثَالَيْنِ فِي الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ لِيَظْهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُفَسَّرِ وَالْمُحْكَمِ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} [التوبة: 36] مُفَسَّرٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ كَافَّةً سَدٌّ لِبَابِ التَّخْصِيصِ لَكِنَّهُ يَحْتَمِلُ النَّسْخَ لِكَوْنِهِ حُكْمًا شَرْعِيًّا، وَقَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْجِهَادُ مَاضٍ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» مُحْكَمٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ «إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» سَدٌّ لِبَابِ النَّسْخِ (وَالْكُلُّ يُوجِبُ الْحُكْمَ إلَّا أَنَّهُ يَظْهَرُ التَّفَاوُتُ عِنْدَ التَّعَارُضِ، وَإِذَا خَفِيَ فَإِنْ خَفِيَ لِعَارِضٍ يُسَمَّى خَفِيًّا، وَإِنْ خَفِيَ لِنَفْسِهِ فَإِنْ أُدْرِكَ عَقْلًا فَمُشْكِلٌ أَوْ بَلْ نَقْلًا فَمُجْمَلٌ أَوْ لَا أَصْلًا فَمُتَشَابِهٌ، فَالْخَفِيُّ كَآيَةِ السَّرِقَةِ خَفِيَتْ فِي حَقِّ النَّبَّاشِ وَالطَّرَّارِ لِاخْتِصَاصِهِمَا بِاسْمٍ آخَرَ، فَيُنْظَرَ إنْ كَانَ الْخَفَاءُ لِمَزِيَّةٍ يَثْبُتُ فِيهِ الْحُكْمُ، وَلِنُقْصَانٍ لَا، وَالْمُشْكِلُ إمَّا لِغُمُوضٍ فِي الْمَعْنَى نَحْوُ {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] فَإِنَّ غَسْلَ ظَاهِرِ الْبَدَنِ وَاجِبٌ وَغَسْلَ بَاطِنِهِ سَاقِطٌ فَوَقَعَ الْإِشْكَالُ فِي الْفَمِ فَإِنَّهُ بَاطِنٌ مِنْ وَجْهٍ حَتَّى لَا يَفْسُدَ الصَّوْمُ بِابْتِلَاعِ الرِّيقِ وَظَاهِرٌ مِنْ وَجْهٍ حَتَّى لَا يَفْسُدَ بِدُخُولِ شَيْءٍ فِي الْفَمِ فَاعْتَبَرْنَا الْوَجْهَيْنِ فَأُلْحِقَ بِالظَّاهِرِ فِي الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى) .
حَتَّى وَجَبَ غَسْلُهُ فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى سَبِيلِ التَّغْلِيبِ، وَهُوَ بَابٌ وَاسِعٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ، وَلِهَذَا يَتَنَاوَلُهُ الْأَمْرُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ} [البقرة: 34] بَلْ الْجَوَابُ مَا مَرَّ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَيْسَ بِتَخْصِيصٍ فَإِنْ قِيلَ: إنَّ قَوْله تَعَالَى {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} [التوبة: 36] ، أَيْضًا لَا يَحْتَمِلُ النَّسْخَ لِانْقِطَاعِ الْوَحْيِ فَلَا يَكُونُ مُفَسَّرًا قُلْنَا: الْمُرَادُ الِاحْتِمَالِ فِي زَمَنِ الْوَحْيِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَا شَيْءَ مِنْ الْقُرْآنِ بِمُحْتَمِلٍ لِلنَّسْخِ وَمِثْلُهُ يُسَمَّى مُحْكَمًا لِغَيْرِهِ لِيَشْمَلَ الظَّاهِرَ، وَالنَّصَّ، وَالْمُفَسَّرَ، وَالْمُحْكَمَ (قَوْلُهُ وَالْكُلُّ) أَيْ الظَّاهِرُ، وَالنَّصُّ، وَالْمُفَسَّرُ، وَالْمُحْكَمُ يُوجِبُ الْحُكْمَ، أَيْ يُثْبِتُهُ قَطْعًا، وَيَقِينًا، وَعِنْدَ الْبَعْضِ حُكْمُ الظَّاهِرِ وَالنَّصِّ وُجُوبُ الْعَمَلِ وَاعْتِقَادُ حَقِّيَّةِ الْمُرَادِ لَا ثُبُوتُ الْحُكْمِ قَطْعًا وَيَقِينًا؛ لِأَنَّ الِاحْتِمَالَ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا قَاطِعٌ لِلْيَقِينِ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِاحْتِمَالٍ لَمْ يَنْشَأْ عَنْ الدَّلِيلِ، وَالْحَقُّ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ يُفِيدُ الْقَطْعَ وَهُوَ الْأَصْلُ، وَقَدْ يُفِيدُ الظَّنَّ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ احْتِمَالُ غَيْرِ الْمُرَادِ مِمَّا يُعَضِّدُهُ دَلِيلٌ (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ يَظْهَرُ التَّفَاوُتُ عِنْدَ التَّعَارُضِ) فَيُقَدَّمُ النَّصُّ عَلَى الظَّاهِرِ، وَالْمُفَسَّرُ عَلَيْهِمَا، وَالْمُحْكَمُ عَلَى الْكُلِّ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ بِالْأَوْضَحِ، وَالْأَقْوَى أَوْلَى، وَأَحْرَى، وَلِأَنَّ فِيهِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلِينَ بِحَمْلِ الظَّاهِرِ مَثَلًا عَلَى احْتِمَالِهِ الْآخَرِ الْمُوَافِقِ لِلنَّصِّ مِثَالُهُ قَوْله تَعَالَى {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24] ظَاهِرٌ فِي حِلِّ مَا فَوْقَ الْأَرْبَعِ مِنْ غَيْرِ الْمُحَرَّمَاتِ وقَوْله تَعَالَى {مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3] نَصٌّ فِي وُجُوبِ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْأَرْبَعِ فَيُعْمَلُ بِهِ، وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْمُسْتَحَاضَةُ تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ» نَصٌّ فِي مَدْلُولِهِ يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ بِحَمْلِ اللَّامِ عَلَى أَنَّهَا لِلتَّوْقِيتِ، وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْمُسْتَحَاضَةُ تَتَوَضَّأُ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ» مُفَسَّرٌ فَيُعْمَلُ بِهِ (قَوْلُهُ، وَإِذَا خَفِيَ) أَيْ الْمُرَادُ مِنْ اللَّفْظِ فَخَفَاؤُهُ إمَّا لِنَفْسِ اللَّفْظِ أَوْ لِعَارِضٍ،

اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 241
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست