responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 235
الْكَلَامِ، وَلَوْ جُعِلَتْ كِنَايَةً حَقِيقَةً تَطْلُقُ رَجْعِيَّةً؛ لِأَنَّهُمْ فَسَّرُوهَا بِمَا يَسْتَتِرُ مِنْهُ الْمُرَادُ، وَالْمُرَادُ الْمُسْتَتِرُ هَاهُنَا الطَّلَاقُ فَيَصِيرُ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ) اعْلَمْ أَنَّ عُلَمَاءَنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - لَمَّا قَالُوا بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ بِقَوْلِهِ أَنْتِ بَائِنٌ، وَأَمْثَالِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُوجَبَ الْكَلَامِ هُوَ الْبَيْنُونَةُ، وَرَدَّ عَلَيْهِمْ أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ كِنَايَاتٌ عِنْدَكُمْ وَالْكِنَايَةُ هِيَ مَا اسْتَتَرَ الْمُرَادُ مِنْهَا، وَالْمُرَادُ الْمُسْتَتِرُ هُوَ الطَّلَاقُ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فَيَجِبُ أَنْ يَقَعَ بِهَا الرَّجْعِيُّ كَمَا فِي أَنْتِ طَالِقٌ فَأَجَابَ مَشَايِخُنَا بِأَنَّ إطْلَاقَ لَفْظِ الْكِنَايَةِ عَلَى هَذِهِ الْأَلْفَاظِ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْمَتْنِ فَيَقَعُ بِهَا الْبَائِنُ؛ لِأَنَّ مُوجَبَ الْكَلَامِ هُوَ الْبَيْنُونَةُ، وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى تَفْسِيرِ الْكِنَايَةِ عِنْدَهُمْ، وَلَوْ فَسَّرُوهَا بِتَفْسِيرِ عُلَمَاءِ الْبَيَانِ يَثْبُتُ الْمُدَّعَى، وَهُوَ الْبَيْنُونَةُ، وَلَا يُحْتَاجُ فِي الْجَوَابِ إلَى هَذَا التَّكَلُّفِ، وَهُوَ أَنَّ هَذِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّ لِلتَّعْرِيضِ نَوْعٌ مِنْ الْكِنَايَةِ يَكُونُ مَسْبُوقًا بِمَوْصُوفٍ غَيْرِ مَذْكُورٍ كَمَا تَقُولُ فِي عَرَضِ مَنْ يُؤْذِي الْمُسْلِمِينَ: الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ يَدِهِ وَلِسَانِهِ، تَوَصُّلًا بِذَلِكَ إلَى نَفْيِ الْإِسْلَامِ عَنْ الْمُؤْذِي (قَوْلُهُ قَالُوا، وَكِنَايَاتُ الطَّلَاقِ) مِثْلُ: أَنْتِ بَائِنٌ أَنْتِ بَائِنَةٌ أَوْ بَتْلَةٌ، أَنْتِ حَرَامٌ يُطْلَقُ عَلَيْهَا لَفْظُ الْكِنَايَةِ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ دُونَ الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْكِنَايَةِ مَا اسْتَتَرَ الْمُرَادُ بِهِ، وَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ مَعَانِيهَا غَيْرُ مُسْتَتِرَةٍ بَلْ ظَاهِرَةٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ لَكِنَّهَا شَابَهَتْ الْكِنَايَةَ مِنْ جِهَةِ الْإِبْهَامِ فِيمَا يَتَّصِلُ بِهِ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ، وَتَعْمَلُ فِيهِ مِثْلَ الْبَائِنِ الْمَعْلُومِ الْمُرَادِ إلَّا أَنَّ مَحَلَّ الْبَيْنُونَةِ هِيَ الْوَصْلَةُ، وَهِيَ مُتَنَوِّعَةٌ أَنْوَاعًا مُخْتَلِفَةً كَوَصْلَةِ النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ فَاسْتَتَرَ الْمُرَادُ فِي نَفْسِهِ بَلْ بِاعْتِبَارِ إبْهَامِ الْمَحَلِّ الَّذِي يَظْهَرُ أَثَرُ الْبَيْنُونَةِ فِيهِ فَاسْتُعِيرَتْ لَهَا لَفْظَةُ الْكِنَايَةِ وَاحْتَاجَتْ إلَى النِّيَّةِ لِيَزُولَ إبْهَامُ الْمَحَلِّ، وَتَتَعَيَّنَ الْبَيْنُونَةُ عَنْ وَصْلَةِ النِّكَاحِ، وَيَقَعُ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ بِمُوجَبِ الْكَلَامِ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُجْعَلَ أَنْتِ بَائِنٌ كِنَايَةً عَنْ أَنْتِ طَالِقٌ حَتَّى يَلْزَمَ كَوْنُ الْوَاقِعِ بِهِ رَجْعِيًّا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِيهِ ضَرْبَ تَكَلُّفٍ إذْ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إنْ أُرِيدَ أَنَّ مَفْهُومَاتِهَا اللُّغَوِيَّةَ ظَاهِرَةٌ غَيْرُ مُسْتَتِرَةٍ فَهَذَا لَا يُنَافِي الْكِنَايَةَ، وَاسْتِتَارُ مُرَادِ الْمُتَكَلِّمِ بِهَا ظَاهِرٌ كَمَا فِي جَمِيعِ الْكِنَايَاتِ، وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّ مَا أَرَادَ الْمُتَكَلِّمُ بِهَا ظَاهِرٌ لَا اسْتِتَارٌ فِيهِ فَمَمْنُوعُ كَيْفَ وَلَا يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ إلَيْهِ إلَّا بِبَيَانٍ مِنْ جِهَةِ الْمُتَكَلِّمِ؟ وَهُمْ مُصَرِّحُونَ بِأَنَّهَا مِنْ جِهَةِ الْمَحَلِّ مُبْهَمَةٌ مُسْتَتِرَةٌ، وَلَمْ يُفَسِّرُوا الْكِنَايَةَ إلَّا بِمَا اسْتَتَرَ مِنْهُ الْمُرَادُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْمَحَلِّ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَمْ يَشْتَرِطُوا إرَادَةَ اللَّازِمِ ثُمَّ الِانْتِقَالَ مِنْهُ إلَى الْمَلْزُومِ بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ جَعَلُوا الْحَقِيقَةَ الْمَهْجُورَةَ وَالْمَجَازَ الْغَيْرَ الْمُتَعَارَفَ كِنَايَةً لِمُجَرَّدِ اسْتِتَارِ الْمُرَادِ فَلِهَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّهُمْ لَوْ فَسَّرُوا الْكِنَايَةَ كَمَا فَسَّرَهَا بِهِ عُلَمَاءُ الْبَيَانِ لَمَا احْتَاجُوا إلَى هَذَا التَّكَلُّفِ، وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ الْكِنَايَةَ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْبَيَانِ أَنْ يُذْكَرَ لَفْظٌ وَيُرَادَ مَعْنَاهُ لَكِنْ لَا لِذَاتِهِ بَلْ لِيُنْتَقَلَ مِنْهُ إلَى مَعْنًى ثَانٍ هُوَ مَلْزُومٌ لِلْمَعْنَى الْأَوَّلِ كَمَا يُرَادُ بِطُولِ النِّجَادِ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيُّ لِيُنْتَقَلَ مِنْهُ إلَى مَا يَلْزَمُهُ مِنْ طُولِ الْقَامَةِ فَيُرَادُ بِالْبَائِنِ

اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 235
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست