responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 233
الْكَلَامِ.
(وَتَطْلُقُ فِي أَنْتِ طَالِقٌ كَيْفَ شِئْت، وَتَبْقَى الْكَيْفِيَّةُ) أَيْ كَوْنُهُ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا خَفِيفَةً أَوْ غَلِيظَةً (مُفَوَّضَةً إلَيْهَا إنْ لَمْ يَنْوِ الزَّوْجُ، وَإِنْ نَوَى فَإِنْ اتَّفَقَا فَذَاكَ، وَإِلَّا فَرَجْعِيَّةٌ) ، وَهَذَا لِأَنَّهُ لَمَّا فَوَّضَ الْكَيْفِيَّةَ إلَيْهَا فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الزَّوْجُ اُعْتُبِرَ نِيَّتُهُمَا، وَإِنْ نَوَى الزَّوْجُ فَإِنْ اتَّفَقَ نِيَّتُهُمَا يَقَعُ مَا نَوَيَا، وَإِنْ اخْتَلَفَ فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ النِّيَّتَيْنِ أَمَّا نِيَّتُهَا فَلِأَنَّهُ فَوَّضَ إلَيْهَا أَوْ نِيَّتُهُ؛ فَلِأَنَّ الزَّوْجَ هُوَ الْأَصْلُ فِي إيقَاعِ الطَّلَاقِ فَإِذَا تَعَارَضَا تَسَاقَطَا فَبَقِيَ أَصْلُ الطَّلَاقِ، وَهُوَ الرَّجْعِيُّ.
(وَعِنْدَهُمَا يَتَعَلَّقُ الْأَصْلُ أَيْضًا) أَيْ فِي أَنْتِ طَالِقٌ كَيْفَ شِئْت يَتَعَلَّقُ أَصْلُ الطَّلَاقِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَغَيْرَ مُطْلَقٍ أَوْ مُقَيَّدٍ بِمَا يَأْتِي مِنْ الزَّمَانِ، وَكُلُّ هَذِهِ كَيْفِيَّاتٌ، وَقَدْ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ فِي مَسْأَلَةِ أَنْتَ حُرٌّ كَيْفَ شِئْتَ: إنَّهُ يَعْتِقُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَا مَشِيئَةَ لَهُ وَعِنْدَهُمَا لَا يَعْتِقُ مَا لَمْ يَشَأْ فِي الْمَجْلِسِ فَعُلِمَ أَنَّ بُطْلَانَ تَعَلُّقِ الْكَيْفِيَّةِ بِصَدْرِ الْكَلَامِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ، وَتَطْلُقُ فِي أَنْتِ طَالِقٌ كَيْفَ شِئْت) أَيْ يَقَعُ وَاحِدَةٌ قَبْلَ الْمَشِيئَةِ فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولَةٍ بَانَتْ فَلَا مَشِيئَةَ بَعْدُ، وَإِنْ كَانَتْ مَدْخُولَةً فَالْكَيْفِيَّةُ مُفَوَّضَةٌ إلَيْهَا فِي الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ كَيْفَ إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى تَفْوِيضِ الْأَحْوَالِ وَالصِّفَاتِ دُونَ الْأَصْلِ فَفِي الْعِتْقِ وَغَيْرِ الْمَدْخُولَةِ لَا مَشِيئَةَ بَعْدَ وُقُوعِ الْأَصْلِ فَيَلْغُو التَّفْوِيضُ، وَفِي الْمَدْخُولَةِ يَكُونُ التَّفْوِيضُ إلَيْهَا بِأَنْ يَجْعَلَهَا بَائِنَةً أَوْ ثَلَاثًا، وَصَحَّ هَذَا التَّفْوِيضُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ قَدْ يَكُونُ رَجْعِيًّا فَيَصِيرُ بَائِنًا بِمُضِيِّ الْعِدَّةِ، وَقَدْ يَكُونُ وَاحِدًا فَيَصِيرُ ثَلَاثًا بِضَمِّ اثْنَيْنِ إلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ تَصِيرُ الْحُرْمَةُ غَلِيظَةً فَلَمَّا احْتَمَلَ ذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ صَارَ التَّفْوِيضُ إلَى مَشِيئَتِهَا، وَأَمَّا تَفْوِيضُ الْأَصْلِ فِي نَحْوِ طَلِّقِي نَفْسَكِ كَيْفَ شِئْتِ فَلَيْسَ مِنْ كَلِمَةِ كَيْفَ بَلْ مِنْ لَفْظِ طَلِّقِي، وَكَيْفَ يُفِيدُ تَفْوِيضَ الْأَوْصَافِ (قَوْلُهُ وَعِنْدَهُمَا يَتَعَلَّقُ الْأَصْلُ، أَيْضًا) بِالْمَشِيئَةِ؛ لِأَنَّهُ فَوَّضَ إلَيْهَا كُلَّ حَالٍ حَتَّى الرَّجْعِيَّةِ فَيَلْزَمُ تَفْوِيضُ نَفْسِ الطَّلَاقِ ضَرُورَةَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ بِدُونِ حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ وَوَصْفٍ مِنْ الْأَوْصَافِ كَمَا قَالُوا فِي مِثْلِ قَوْله تَعَالَى {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ} [البقرة: 28] الْآيَةَ: إنَّهُ إنْكَارٌ لِأَصْلِ الْكُفْرِ بِإِنْكَارِ أَحْوَالِهِ ضَرُورَةَ أَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْ حَالٍ، وَتَحْقِيقُ كَلَامِهِمَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْقَوْمُ أَنَّ مَا لَا يَكُونُ مَحْسُوسًا كَالتَّصَرُّفَاتِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْ الطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ، وَالْبَيْعِ، وَالنِّكَاحِ، وَغَيْرِهَا فَحَالُهُ وَأَصْلُهُ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ وُجُودَهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مَحْسُوسًا كَانَ مَعْرِفَةُ وُجُودِهِ بِآثَارِهِ وَأَوْصَافِهِ، فَافْتَقَرَتْ مَعْرِفَةُ ثُبُوتِهِ إلَى مَعْرِفَةِ أَثَرِهِ، وَوَصْفِهِ كَثُبُوتِ الْمِلْكِ فِي الْبَيْعِ، وَالْحِلِّ فِي النِّكَاحِ، وَالْوَصْفُ مُفْتَقِرٌ، أَيْضًا إلَى الْأَصْلِ فَاسْتَوَيَا، وَصَارَ تَعْلِيقُ الْوَصْفِ تَعْلِيقَ الْأَصْلِ، وَأَمَّا مَا ظَنَّهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ ابْتِنَاءِ ذَلِكَ عَلَى امْتِنَاعِ قِيَامِ الْعَرَضِ بِالْعَرْضِ فَفِيهِ نَظَرٌ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّهُ لَا جِهَةَ لِتَخْصِيصِ ذَلِكَ بِمَا لَيْسَ بِمَحْسُوسٍ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِيمَا لَيْسَ بِمَحْسُوسٍ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونُ عَرَضًا، وَيُمْكِنُ دَفْعُهُمَا

اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 233
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست