responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 14
فِي الْمَحْصُولِ بِهَذَا، وَاعْلَمْ أَنَّ التَّعْرِيفَ، إمَّا حَقِيقِيٌّ كَتَعْرِيفِ الْمَاهِيَّاتِ الْحَقِيقِيَّةِ، وَإِمَّا اسْمِيٌّ كَتَعْرِيفِ الْمَاهِيَّاتِ الِاعْتِبَارِيَّةِ كَمَا إذَا رَكَّبْنَا شَيْئًا مِنْ أُمُورٍ هِيَ أَجْزَاؤُهُ بِاعْتِبَارِ تَرْكِيبِنَا، ثُمَّ وَضَعْنَا لِهَذَا الْمُرَكَّبِ اسْمًا كَالْأَصْلِ وَالْفِقْهِ وَالْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَنَحْوِهَا فَالتَّعْرِيفُ الِاسْمِيُّ هُوَ تَبْيِينُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَيْهِ لَا مَعْنَى بِمُسْتَنَدِ الْعِلْمِ وَمُبْتَنَاهُ إلَّا دَلِيلُهُ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ إنَّ الْمَعْنَى الْعُرْفِيَّ أَعْنِي الدَّلِيلَ مُرَادٌ قَطْعًا فَأَيُّ حَاجَةٍ إلَى جَعْلِهِ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ الشَّامِلِ لِلْمَقْصُودِ وَغَيْرِهِ.
فَإِنْ قُلْتَ: ابْتِنَاءُ الشَّيْءَ عَلَى الشَّيْءِ إضَافَةٌ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ أَمْرٌ عَقْلِيٌّ قَطْعًا قُلْتُ: أَرَادَ بِالِابْتِنَاءِ الْحِسِّيِّ كَوْنَ الشَّيْئَيْنِ مَحْسُوسَيْنِ وَحِينَئِذٍ يَدْخُلُ فِيهِ مِثْلُ ابْتِنَاءِ السَّقْفِ عَلَى الْجِدَارِ وَابْتِنَاءِ الْمُشْتَقِّ عَلَى الْمُشْتَقِّ مِنْهُ كَالْفِعْلِ عَلَى الْمَصْدَرِ أَوْ أَرَادَ مَا هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي الْعُرْفِ مِنْ أَنَّ ابْتِنَاءَ السَّقْفِ عَلَى الْجِدَارِ بِمَعْنَى كَوْنِهِ مُبْتَنِيًا عَلَيْهِ وَمَوْضُوعًا فَوْقَهُ مِمَّا يُدْرَكُ بِالْحِسِّ وَحِينَئِذٍ يَخْرُجُ مِثْلُ ابْتِنَاءِ الْفِعْلِ عَلَى الْمَصْدَرِ مِنْ الْحِسِّيِّ وَلَا يَدْخُلُ فِي الْعَقْلِيِّ بِتَفْسِيرِهِ وَالْحَقُّ أَنَّ تَرَتُّبَ الْحُكْمِ عَلَى دَلِيلِهِ لَا يَصْلُحُ تَفْسِيرًا لِلِابْتِنَاءِ الْعَقْلِيِّ، وَإِنَّمَا هُوَ مِثَالٌ لَهُ لِلْقَطْعِ بِأَنَّ ابْتِنَاءَ الْمَجَازِ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَالْأَحْكَامِ الْجُزْئِيَّةِ عَلَى الْقَوَاعِدِ الْكُلِّيَّةِ وَالْمَعْلُولَاتِ عَلَى عِلَلِهَا وَالْأَفْعَالِ عَلَى الْمَصَادِرِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ابْتِنَاءٌ عَقْلِيٌّ.
قَوْلُهُ (وَاعْلَمْ أَنَّ التَّعْرِيفَ إمَّا حَقِيقِيٌّ) الْمَاهِيَّةُ إمَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا تَحَقُّقٌ وَثُبُوتٌ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ اعْتِبَارِ الْعَقْلِ أَوْ لَا الْأُولَى الْمَاهِيَّةُ الْحَقِيقِيَّةُ أَيْ الثَّابِتَةُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ احْتِيَاجِ بَعْضِ الْأَجْزَاءِ إلَى الْبَعْضِ إذَا كَانَتْ مُرَكَّبَةً وَالثَّانِيَةُ الْمَاهِيَّةُ الِاعْتِبَارِيَّةُ أَيْ الْكَائِنَةُ بِحَسَبِ اعْتِبَارِ الْعَقْلِ كَمَا إذَا اعْتَبَرَ الْوَاضِعُ عِدَّةَ أُمُورٍ فَوَضَعَ بِإِزَائِهَا اسْمًا مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجِ الْأُمُورِ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ كَالْأَصْلِ الْمَوْضُوعِ بِإِزَاءِ الشَّيْءِ وَوَصَفَ ابْتِنَاءَ الْغَيْرِ عَلَيْهِ وَالْفِقْهَ الْمَوْضُوعَ بِإِزَاءِ الْمَسَائِلِ الْمَخْصُوصَةِ وَالْجِنْسَ الْمَوْضُوعَ بِإِزَاءِ الْكُلِّيِّ الْمَقُولِ عَلَى الْكَثْرَةِ الْمُخْتَلِفَةِ الْحَقِيقَةِ وَالنَّوْعَ الْمَوْضُوعَ بِإِزَاءِ الْكُلِّيِّ الْمَقُولِ عَلَى الْكَثْرَةِ الْمُتَّفِقَةِ الْحَقِيقَةُ فِي جَوَابِ مَا هُوَ وَالتَّمْثِيلُ بِالْمُرَكَّبَةِ مِنْ عِدَّةِ أُمُورٍ لَا يُنَافِي كَوْنَ بَعْضِ الْمَاهِيَّاتِ الِاعْتِبَارِيَّةِ بَسَائِطَ عَلَى أَنَّ الْحَقَّ أَنَّهَا إنَّمَا يُقَالُ لَهَا الْأُمُورُ الِاعْتِبَارِيَّةُ لَا الْمَاهِيَّاتُ الِاعْتِبَارِيَّةُ إذَا تَمَهَّدَ هَذَا فَنَقُولُ مَا يَتَعَقَّلُهُ الْوَاضِعُ لِيَضَعَ بِإِزَائِهِ اسْمًا إمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مَاهِيَّةٌ حَقِيقَةً أَوْ لَا وَعَلَى الْأَوَّلِ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُتَعَقَّلُهُ نَفْسَ حَقِيقَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ أَوْ وُجُودَهَا وَاعْتِبَارَاتٍ مِنْهُ فَتَعْرِيفُ الْمَاهِيَّةِ الْحَقِيقِيَّةِ لِمُسَمَّى الِاسْمِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا مَاهِيَّةٌ حَقِيقَةً تَعْرِيفٌ حَقِيقِيٌّ يُفِيدُ تَصَوُّرَ الْمَاهِيَّةِ فِي الذِّهْنِ بِالذَّاتِيَّاتِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا أَوْ بِالْعَرَضِيَّاتِ أَوْ بِالْمُرَكَّبِ مِنْهُمَا وَتَعْرِيفُ مَفْهُومِ الِاسْمِ وَمَا تَعَقَّلَهُ الْوَاضِعُ فَوَضَعَ الِاسْمَ بِإِزَائِهِ تَعْرِيفٌ اسْمِيٌّ يُفِيدُ تَبْيِينَ مَا وُضِعَ الِاسْمُ بِإِزَائِهِ بِلَفْظٍ أَشْهَرَ كَقَوْلِنَا الْغَضَنْفَرُ الْأَسَدُ أَوْ بِلَفْظٍ يَشْتَمِلُ عَلَى تَفْصِيلِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الِاسْمُ إجْمَالًا كَقَوْلِنَا الْأَصْلُ مَا يُبْتَنَى عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَتَعْرِيفُ الْمَعْلُومَاتِ لَا يَكُونُ إلَّا اسْمِيًّا، إذْ لَا حَقَائِقَ لَهَا، بَلْ مَفْهُومَاتٌ وَتَعْرِيفُ الْمَوْجُودَاتِ قَدْ يَكُونُ اسْمِيًّا وَقَدْ يَكُونُ حَقِيقِيًّا، إذْ لَهَا مَفْهُومَاتٌ وَحَقَائِقُ.
فَإِنْ قُلْتَ: ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ مُشْعِرٌ بِأَنَّ تَعْرِيفَ الْمَاهِيَّاتِ الْحَقِيقِيَّةِ

اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 14
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست