responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 136
صَرِيحٌ، وَكِنَايَةٌ فِي الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ.
(وَعِنْدَ عُلَمَاءِ الْبَيَانِ الْكِنَايَةُ لَفْظٌ يُقْصَدُ بِمَعْنَاهُ) أَيْ بِمَعْنَاهُ الْمَوْضُوعُ لَهُ (مَعْنًى ثَانٍ مَلْزُومٍ لَهُ، وَهِيَ لَا تُنَافِي إرَادَةَ الْمَوْضُوعِ لَهُ فَإِنَّهَا اُسْتُعْمِلَتْ فِيهِ لَكِنْ قُصِدَ بِمَعْنَاهُ مَعْنًى ثَانٍ كَمَا فِي طَوِيلِ النِّجَادِ) فَإِنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِي الْمَوْضُوعِ لَهُ لَكِنَّ الْمَقْصُودَ، وَالْغَرَضَ مِنْ طَوِيلِ النِّجَادِ طَوِيلُ الْقَامَةِ فَطُولُ الْقَامَةِ مَلْزُومٌ لِطُولِ النِّجَادِ.
(بِخِلَافِ الْمَجَازِ فَإِنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ فَيُنَافِي إرَادَةَ الْمَوْضُوعِ لَهُ ثُمَّ كُلٌّ مِنْ الْحَقِيقَةِ، وَالْمَجَازِ أَمَّا فِي الْمُفْرَدِ، وَقَدْ مَرَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQعُلَمَاءِ الْبَيَانِ فَلِأَنَّ الْكِنَايَةَ لَفْظٌ قُصِدَ بِمَعْنَاهُ مَعْنًى ثَانٍ مَلْزُومٌ لَهُ أَيْ لَفْظٌ اُسْتُعْمِلَ فِي مَعْنَاهُ الْمَوْضُوعِ لَهُ لَكِنْ لَا لِيَتَعَلَّقَ بِهِ الْإِثْبَاتُ، وَالنَّفْيُ، وَيَرْجِعَ إلَيْهِ الصِّدْقُ، وَالْكَذِبُ بَلْ لِيَنْتَقِلَ مِنْهُ إلَى مَلْزُومِهِ فَيَكُونَ هُوَ مَنَاطَ الْإِثْبَاتِ، وَالنَّفْيِ، وَمَرْجِعَ الصِّدْقِ، وَالْكَذِبِ كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ طَوِيلُ النِّجَادِ قَصْدًا بِطُولِ النِّجَادِ إلَى طُولِ الْقَامَةِ فَيَصِحُّ الْكَلَامُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِجَادٌ قَطُّ بَلْ، وَإِنْ اسْتَحَالَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] وقَوْله تَعَالَى {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ فَإِنَّ هَذِهِ كُلَّهَا كِنَايَاتٌ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ غَيْرِ لُزُومِ كَذِبٍ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَ اللَّفْظِ فِي مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ، وَطَلَبِ دَلَالَتِهِ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ لِقَصْدِ الِانْتِقَالِ مِنْهُ إلَى مَلْزُومِهِ، وَحِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ إلَى مَا قِيلَ: إنَّ الْكِنَايَةَ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي الْمَعْنَى الثَّانِي لَكِنْ مَعَ جَوَازِ إرَادَةِ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ، وَلَوْ فِي مَحَلٍّ آخَرَ، وَبِاسْتِعْمَالٍ آخَرَ بِخِلَافِ الْمَجَازِ فَإِنَّهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَجَازٌ مَشْرُوطٌ بِقَرِينَةٍ مَانِعَةٍ عَنْ إرَادَةِ الْمَوْضُوعِ لَهُ، وَمَيْلُ صَاحِبِ الْكَشَّافِ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْكِنَايَةِ إمْكَانُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ لِأَنَّهُ ذُكِرَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 77] أَنَّهُ مَجَازٌ عَنْ الْإِهَانَةِ، وَالسَّخَطِ وَإِنَّ النَّظَرَ إلَى فُلَانٍ بِمَعْنَى الِاعْتِدَاءِ بِهِ، وَالْإِحْسَانُ إلَيْهِ كِنَايَةٌ إذَا أُسْنِدَ إلَى مَنْ يَجُوزُ عَلَيْهِ النَّظَرُ، وَمَجَازٌ إذَا أُسْنِدَ إلَى مَنْ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ النَّظَرُ، وَبِالْجُمْلَةِ كَوْنُ الْكِنَايَةِ مِنْ قَبِيلِ الْحَقِيقَةِ صَرِيحٌ فِي الْمِفْتَاحِ، وَغَيْرِهِ فَإِنْ قِيلَ قَدْ ذَكَرَ فِي الْمِفْتَاحِ أَنَّ الْكَلِمَةَ الْمُسْتَعْمَلَةَ إمَّا أَنْ يُرَادَ مَعْنَاهَا وَحْدَهُ أَوْ غَيْرَ مَعْنَاهَا وَحْدَهُ أَوْ مَعْنَاهَا، وَغَيْرَ مَعْنَاهَا وَالْأَوَّلُ الْحَقِيقَةُ فِي الْمُفْرَدِ، وَالثَّانِي الْمَجَازُ فِي الْمُفْرَدِ، وَالثَّالِثُ الْكِنَايَةُ، وَهَذَا مُشْعِرٌ بِكَوْنِ الْكِنَايَةِ قَسِيمًا لِلْحَقِيقَةِ، وَالْمَجَازِ مُبَايِنًا لَهُمَا قُلْنَا أَرَادَ بِالْحَقِيقَةِ هَاهُنَا الصَّرِيحَ مِنْهَا بِقَرِينَةٍ جَعَلَهَا فِي مُقَابَلَةِ الْكِنَايَةِ، وَتَصْرِيحُهُ عَقِيبَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْحَقِيقَةَ، وَالْكِنَايَةَ يَشْتَرِكَانِ فِي كَوْنِهِمَا حَقِيقَتَيْنِ، وَيَفْتَرِقَانِ بِالتَّصْرِيحِ وَعَدَمِهِ لَا يُقَالُ فَإِذَا أُرِيدَ بِالْكَلِمَةِ مَعْنَاهَا وَغَيْرُ مَعْنَاهَا مَعًا يَلْزَمُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ، وَالْمَجَازِ إذْ لَا مَعْنَى لَهُ لَا إرَادَةُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ، وَالْمَجَازِيِّ مَعًا لِأَنَّا نَقُولُ الْمُمْتَنِعُ إنَّمَا هُوَ إرَادَتُهُمَا بِالذَّاتِ، وَفِي الْكِنَايَةِ إنَّمَا أُرِيدَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ لِلِانْتِقَالِ مِنْهُ إلَى الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَجَازِ فَإِنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ عَلَى أَنَّهُ مُرَادٌ بِهِ قَصْدًا وَبِالذَّاتِ إذْ لَا مَعْنَى لِاسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي غَيْرِ مَعْنَاهُ لِيَنْتَقِلَ مِنْهُ إلَى مَعْنَاهُ

اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 136
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست