responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 121
وَلِأَنَّ إعْمَالَ الدَّلِيلَيْنِ، وَاجِبٌ مَا أَمْكَنَ) فَيُعْمَلُ بِكُلِّ وَاحِدٍ فِي مَوْرِدِهِ إلَّا أَنْ لَا يُمْكِنَ، وَهُوَ عِنْدَ اتِّحَادِ الْحَادِثَةِ، وَالْحُكْمِ فَهَذِهِ الدَّلَائِلُ لِنَفْيِ الْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ الْحَمْلُ مُطْلَقًا فَالْآنَ شَرَعَ فِي نَفْيِ الْمَذْهَبِ الثَّانِي، وَهُوَ الْحَمْلُ إنْ اقْتَضَى الْقِيَاسَ بِقَوْلِهِ (وَالنَّفْيُ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى الْعَدَمِ الْأَصْلِيِّ فَكَيْفَ يُعْدَى) جَوَابٌ عَمَّا قَالُوا إنَّهُ يُحْمَلُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا أَنَّ النَّفْيَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ، وَنَحْنُ نَقُولُ هُوَ عَدَمٌ أَصْلِيٌّ فَإِنَّ قَوْله تَعَالَى فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] يَدُلُّ عَلَى إيجَابِ الْمُؤْمِنَةِ، وَلَيْسَ لَهُ دَلَالَةٌ عَلَى الْكَافِرَةِ أَصْلًا، وَالْأَصْلُ عَدَمُ إجْزَاءِ تَحْرِيرِ رَقَبَةٍ عَنْ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ، وَقَدْ ثَبَتَ إجْزَاءُ الْمُؤْمِنَةِ بِالنَّصِّ فَبَقِيَ عَدَمُ إجْزَاءِ الْكَافِرَةِ عَلَى الْعَدَمِ الْأَصْلِيِّ فَلَا يَكُونُ حُكْمًا شَرْعِيًّا، وَلَا بُدَّ فِي الْقِيَاسِ مِنْ كَوْنِ الْمُعَدَّى حُكْمًا شَرْعِيًّا، وَتَوْضِيحُهُ أَنَّ الْإِعْدَامَ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْأَوَّلُ: عَدَمُ إجْزَاءِ مَا لَا يَكُونُ تَحْرِيرَ رَقَبَةٍ كَعَدَمِ إجْزَاءِ الصَّلَاةِ، وَالصَّوْمِ، وَغَيْرِهِمَا، وَالثَّانِي عَدَمُ إجْزَاءِ مَا يَكُونُ تَحْرِيرَ رَقَبَةٍ غَيْرِ مُؤْمِنَةٍ فَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ إعْدَامٌ أَصْلِيٌّ بِلَا خِلَافٍ، وَالْقِسْمُ الثَّانِي مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حُكْمٌ شَرْعِيٌّ، وَعِنْدَنَا عَدَمٌ أَصْلِيٌّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّخْصِيصَ بِالْوَصْفِ دَالٌّ عِنْدَهُ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَنْ الْمَوْصُوفِ بِدُونِ ذَلِكَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَأَبْهِمُوهَا) أَيْ خَالٍ تَحْرِيمُهَا عَنْ قَيْدِ الدُّخُولِ الثَّابِتِ فِي الرَّبَائِبِ فَأَطْلِقُوهَا، وَعَلَيْهِ انْعَقَدَ إجْمَاعُ مَنْ بَعْدَهُمْ كَذَا فِي التَّقْوِيمِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي صُورَةٍ لَا يَكُونُ إجْمَاعًا عَلَى الْأَصْلِ الْكُلِّيِّ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الدَّلِيلُ لَاحَ لَهُمْ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ.
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ إعْمَالَ الدَّلِيلَيْنِ، وَاجِبٌ مَا أَمْكَنَ) ، وَذَلِكَ فِي إجْزَاءِ الْمُطْلَقِ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَالْمُقَيَّدِ عَلَى تَقْيِيدِهِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ إذْ لَوْ حُمِلَ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ يَلْزَمُ إبْطَالُ الْمُطْلَقِ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى إجْزَاءِ الْمُقَيَّدِ، وَغَيْرِ الْمُقَيَّدِ وَفِي الْحَمْلِ عَلَى الْمُقَيَّدِ إبْطَالٌ لِلْأَمْرِ الثَّانِي، وَبِهَذَا ظَهَرَ فَسَادُ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ الشَّافِعِيَّةُ مِنْ أَنَّ فِي حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ إذْ الْعَمَلُ بِالْمُقَيَّدِ يَسْتَلْزِمُ الْعَمَلَ بِالْمُطْلَقِ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ لِحُصُولِ الْمُطْلَقِ فِي ضِمْنِ ذَلِكَ الْمُقَيَّدِ فَإِنْ قِيلَ حُكْمُ الْمُقَيَّدِ يُفْهَمُ مِنْ الْمُطْلَقِ فَلَوْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهِ يَلْزَمُ إلْغَاءُ الْمُقَيَّدِ أُجِيبَ بِأَنَّهُ يُفِيدُ اسْتِحْبَابَ الْمُقَيَّدِ، وَفَضْلِهِ، وَأَنَّهُ عَزِيمَةٌ، وَالْمُطْلَقُ رُخْصَةٌ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَبِالْجُمْلَةِ هُوَ أَوْلَى مِنْ إبْطَالِ حُكْمِ الْإِطْلَاقِ.
(قَوْلُهُ: وَالنَّفْيُ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ) يَعْنِي أَنَّ حَمْلَ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ بِالْقِيَاسِ فَاسِدٌ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ هَذَا الْقِيَاسَ لَيْسَ تَعْدِيَةً لِلْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ بَلْ لِلْعَدَمِ الْأَصْلِيِّ، وَهُوَ عَدَمُ إجْزَاءِ غَيْرِ الْمُقَيَّدِ فِي صُورَةِ التَّقْيِيدِ لِمَا سَيَجِيءُ فِي فَصْلِ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ.
وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ فِيهِ إبْطَالًا لِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ ثَابِتٍ بِالنَّصِّ الْمُطْلَقِ، وَهُوَ إجْزَاءُ غَيْرِ الْمُقَيَّدَ كَالْكَافِرَةِ مَثَلًا.
وَأَمَّا ثَالِثًا فَلِأَنَّ شَرْطَ الْقِيَاسِ عَدَمُ النَّصِّ عَلَى ثُبُوتِ الْحُكْمِ فِي الْمَقِيسِ أَوْ انْتِفَائِهِ، وَهَاهُنَا الْمُطْلَقُ نَصٌّ دَالٌّ عَلَى إجْزَاءِ الْمُقَيَّدِ

اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 121
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست