responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 10
الْقِنَاعِ عَنْ جَمَالِ مُجَمَّلَاتٍ كِتَابَةً بِسُنَّةِ نَبِيِّهِ الْمُصْطَفَى وَفَصْلِ خِطَابِهِ) أَيْ الْخِطَابِ الْفَاصِلِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ مَا رَفَعَ أَعْلَامَ الدِّينِ بِإِجْمَاعِ الْمُجْتَهِدِينَ، وَوَضَعَ مَعَالِمَ الْعِلْمِ عَلَى مَسَالِكِ الْمُعْتَبِرِينَ) أَرَادَ بِمَعَالِمِ الْعِلْمِ الْعِلَلَ الَّتِي يَعْلَمُ الْقَائِسُ بِهَا الْحُكْمَ فِي الْمَقِيسِ، وَأَرَادَ بِالْمُعْتَبِرِينَ بِكَسْرِ الْبَاءِ الْقَائِسِينَ، وَمَسَالِكُهُمْ هِيَ مَوَاقِعُ سُلُوكِهِمْ بِأَقْدَامِ الْفِكْرِ مِنْ مَوَادِّ النُّصُوصِ إلَى الْأَحْكَامِ الثَّابِتَةِ فِي الْفُرُوعِ، فَمَبْدَأُ سُلُوكِهِمْ هُوَ لَفْظُ النَّصِّ فَيَعْبُرُونَ مِنْهُ إلَى مَعَانِيهِ اللُّغَوِيَّةِ الظَّاهِرَةِ، ثُمَّ مِنْهَا إلَى مَعَانِيهِ الشَّرْعِيَّةِ الْبَاطِنَةِ فَيَجِدُونَ فِيهَا عَلَامَاتٍ وَأَمَارَاتٍ وَضَعَهَا الشَّارِعُ لِيَهْتَدُوا بِهَا إلَى مَقَاصِدِهِمْ، وَلَمَّا قَالَ بُنِيَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ قَصَرَ الْأَحْكَامَ ذَكَرَ الْأَرْكَانَ الْأَرْبَعَةَ وَهِيَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي بَنَى الشَّارِعُ قَصْرَ الْأَحْكَامِ عَلَيْهَا.
(وَبَعْدُ فَإِنَّ الْعَبْدَ الْمُتَوَسِّلَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِأَقْوَى الذَّرِيعَةِ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودِ بْنِ تَاجِ الشَّرِيعَةِ سَعِدَ جَدُّهُ وَجَدَّ سَعْدُهُ يَقُولُ لَمَّا رَأَيْت فُحُولَ الْعُلَمَاءِ مُكِبِّينَ فِي كُلِّ عَهْدٍ وَزَمَانٍ عَلَى مُبَاحَثَةِ أُصُولِ الْفِقْهِ) أَيْ مُقْبِلِينَ عَلَيْهَا مِنْ أَكَبَّ عَلَى وَجْهِهِ سَقَطَ عَلَيْهِ فَإِنَّ مَنْ أَقْبَلَ عَلَى الشَّيْءِ غَايَةَ الْإِقْبَالِ فَكَأَنَّهُ أَكَبَّ عَلَيْهِ (لِلشَّيْخِ الْإِمَامِ مُقْتَدَى الْأَئِمَّةِ الْعِظَامِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ عَلِيٍّ الْبَزْدَوِيِّ بَوَّأَهُ اللَّهُ تَعَالَى دَارَ السَّلَامِ وَهُوَ كِتَابٌ جَلِيلُ الشَّأْنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQإعْرَاسِهِمَا يُجْمَعُ الْمُؤَنَّثُ عَلَى عَرَائِسَ وَالْمُذَكَّرُ عَلَى عُرُسٍ بِضَمَّتَيْنِ، وَفِي هَذَا الْكَلَامِ نَوْعُ حَزَازَةٍ؛ لِأَنَّ الْمَعَانِيَ الَّتِي أُظْهِرَتْ بِالنُّصُوصِ وَجُلِّيَتْ بِهَا عَلَى النَّاظِرِينَ هِيَ مَفْهُومَاتُهَا وَالْأَحْكَامُ الْمُسْتَفَادَةُ مِنْهَا وَهِيَ لَيْسَتْ نَتَائِجَ أَفْكَارِ الْمُتَفَكِّرِينَ، بَلْ أَحْكَامُ الْمَلِكِ الْحَقِّ الْمُبِينِ فَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ الْمُجْتَهِدِينَ يَتَأَمَّلُونَ فِي النُّصُوصِ فَيَطَّلِعُونَ عَلَى مَعَانٍ وَدَقَائِقَ وَيَسْتَخْرِجُونَ أَحْكَامًا وَحَقَائِقَ وَهِيَ نَتَائِجُ أَفْكَارِهِمْ الظَّاهِرَةِ عَلَى النُّصُوصِ بِمَنْزِلَةِ الْعَرُوسِ عَلَى الْمَنَصَّةِ.
قَوْلُهُ (وَفَصْلُ خِطَابِهِ) أَيْ خِطَابِهِ الْفَاصِلِ الْمُمَيِّزِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ أَوْ خِطَابِهِ الْمَفْصُولِ الَّذِي يَتَبَيَّنُهُ مَنْ يُخَاطَبُ بِهِ وَلَا يَلْتَبِسُ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّ الْفَصْلَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ أَوْ الْمَفْعُولِ، وَهَذَا مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ تَنْبِيهًا عَلَى عِظَمِ أَمْرِهِ وَفَخَامَةِ قَدْرِهِ، إذْ السُّنَّةُ ضَرْبَانِ قَوْلٌ وَفِعْلٌ وَالْقَوْلُ هُوَ الْمَوْضُوعُ لِبَيَانِ الشَّرَائِعِ الْمَبْنِيُّ عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَحْكَامِ الْمُتَّفَقُ عَلَى حُجِّيَّتِهِ بَيْنَ الْأَنَامِ.
قَوْلُهُ (مَا رَفَعَ) أَيْ مَا دَامَ رَايَاتُ مَرَاسِمِ الدِّينِ مَرْفُوعَةً عَالِيَةً بِإِجْمَاعِ الْمُجْتَهِدِينَ الْبَاذِلِينَ وُسْعَهُمْ فِي إعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ وَإِحْيَاءِ مَرَاسِمِ الدِّينِ فَإِنَّ الْحُكْمَ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ مَرْفُوعٌ لَا يُوضَعُ وَمَنْصُوبٌ لَا يُخْفَضُ.
قَوْلُهُ (جَلِيلَ الشَّأْنِ) أَيْ عَظِيمَ الْأَمْرِ بَاهِرَ الْبُرْهَانِ أَيْ غَالِبَ الْحُجَّةِ وَفَائِقَهَا مَرْكُوزٌ أَيْ مَدْفُونٌ مِنْ رَكَّزْت الرُّمْحَ غَرَزْته فِي الْأَرْضِ وَالْكُنُوزُ الْأَمْوَالُ الْمَدْفُونَةُ وَالصُّخُورُ وَالْحِجَارَةُ الْعِظَامُ شَبَهٌ بِهَا عِبَارَاتُهُ الصَّعْبَةُ الْجَزْلَةُ لِصُعُوبَةِ التَّوَصُّلِ بِهَا إلَى فَهْمِ الْمَعَانِي الَّتِي هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ وَالرَّمْزُ الْإِشَارَةُ بِالشَّفَتَيْنِ أَوْ الْحَاجِبِ تَعَدَّى بِإِلَى فَأَصْلُ الْكَلَامِ مَرْمُوزٌ إلَى غَوَامِضِ حَذْفِ الْجَارِّ

اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 10
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست