اسم الکتاب : روضة الناظر وجنة المناظر المؤلف : ابن قدامة المقدسي الجزء : 1 صفحة : 606
لا يقتضيه؛ لأن العبادة طاعة، والطاعة موافقة الأمر، والأمر والنهي يتضادان، فلا يكون النهي مأمورًا، فلا يكون طاعة ولا عبادة.
ولأن النهي يقتضي التحريم وكون الشيء قربة محرمًا محال[1].
وحكي عن طائفة، منهم أبو حنيفة: أن النهي يقتضي الصحة؛ لأن النهي يدل على التصور، لكونه يراد للامتناع، والممتنع في نفسه، المستحيل في ذاته، لا يمكن الامتناع منه، فلا يتوجه إليه النهي، كنهي الزَّمِن[2] عن القيام، والأعمى عن النظر.
وكما أن الأمر يستدعي مأمورًا يمكن امتثاله: فالنهي يستدعي منهيًّا يمكن ارتكابه، إذا ثبت تصوره.
فلفظات الشرع تحمل على المشروع، دون اللغوي فإذا نهى عن صوم يوم النحر، دل على تصوره شرعًا[3]. [1] خلاصة ذلك: أن هناك فرقًا بين العبادات والمعاملات من وجهين:
أحدهما: أن المقصود من العبادات: هو التقرب إلى الله تعالى، وارتكاب النهي معصية، فلا يجتمعان، بخلاف المعاملات، فإنها ليست للتقرب، فلا يناقضها ارتكاب النهي.
الوجه الثاني: أن فساد المعاملات بالنهي، يضر بالناس، ويفضي إلى قطع معايش الناس أو تقليلها، فراعى الشرع مصلحتهم، وعليهم إثم ما ارتكبوا من المنهيات.
أما العبادات: فإنها حق الله -تعالى- فتعطيلها بإفسادها بسبب النهي لا يضر به سبحانه، بل من أوقعها صحيحة كان مطيعًا، ومن لم يواقعها بسبب صحيح كان عاصيًا.
انظر: شرح مختصر الروضة "2/ 433-434". [2] الزمانة: العاهة، ورجل زمن: أي مبتلى بمرض يدوم زمنًا طويلًا. [3] خلاصة دليل أبي حنيفة ومن معه: أنه لما استحال أن يقال للأعمى: لا تبصر، =
اسم الکتاب : روضة الناظر وجنة المناظر المؤلف : ابن قدامة المقدسي الجزء : 1 صفحة : 606