اسم الکتاب : روضة الناظر وجنة المناظر المؤلف : ابن قدامة المقدسي الجزء : 1 صفحة : 527
فصل: في البيان
والمبيّن في مقابلة المجمل[1].
= فظاهر الامتنان أنه خاص بنا.
ويستأنس لهذا بما ذكره البغوي عن الكلبي من أن من قبلنا كانوا يؤاخذون بالخطأ والنسيان: وقد قال الله في آدم: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ} [طه: 115] {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ} [طه: 121] فأضاف إليه العصيان والنسيان، فدل على المؤاخذة به. وأما على القول بأن "فنسي" بمعنى: "ترك" فلا دليل في الآية.
ومن الأدلة على مؤاخذتهم في الإكراه: قوله تعالى -عن أصحاب الكهف-: {إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ} [الكهف: 20] فهذا صريح في الإكراه، مع أنهم قالوا: {وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا} فدل على عدم عذرهم به.
ثانيهما: هو أن نقول: متعلق الرفع في قوله: "رفع عن أمتى إلخ" لا بد أن يكون أحد أمرين، أو كليهما، وهما: الإثم والضمان؛ إذ لا وصف يتعلق به الرفع إلا الإثم والضمان، والإثم مرفوع قطعًا؛ لقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ} [الأحزاب: 5] وقوله في الحديث القدسي: "قد فعلت" كما تقدم.
والضمان غير مرفوع إجماعًا، لتصريحه -تعالى- بضمان المخطئ في قوله: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطًَا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ ... } [النساء: 92] فاتضح أن الإثم مرفوع، وأن الضمان غير مرفوع، فتعين كون المرفوع: متعلق الرفع في الحديث كما هو واضح" مذكرة أصول الفقه ص182-183. [1] في جميع النسخ المطبوعة: "البيان والمبين في مقابلة المجمل" وهو خطأ نشأ من جعل كلمة "البيان" مقرونة بالمبين والأصل أن تكون في العنوان، وإلا فليس البيان هو المبين حتى يكون في مقابلة المجمل، فمقابل البيان: الإجمال، ومقابل المبين: المجمل.
اسم الکتاب : روضة الناظر وجنة المناظر المؤلف : ابن قدامة المقدسي الجزء : 1 صفحة : 527