اسم الکتاب : روضة الناظر وجنة المناظر المؤلف : ابن قدامة المقدسي الجزء : 1 صفحة : 503
فصل: [في علامات الحقيقة والمجاز]
ويستدل على معرفة الحقيقة من المجاز بشيئين:
أحدهما: أن يكون أحد المعنيين يسبق إلى الفهم من غير قرينة، والآخر لا يفهم إلا بقرينة، فيكون حقيقة فيما يفهم منه مطلقًا.
أو يكون أحد المعنيين يستعمل فيه اللفظ مطلقًا، والمعنى الآخر لا يقتصر فيه على مجرد لفظه، فيكون حقيقة فيما يقتصر فيه على مجرد اللفظ[1]. [1] معنى ذلك: أن مبادرة الذهن إلى فهم المعنى من اللفظ بلا قرينة يدل على أنه حقيقة.
وبيانه: أن اللفظ المحتمل لمعنيين فأكثر، إما أن يتبادر فهمُ أهل اللغة عند إطلاقه بلا قرينة إلى جميع محتملاته، أو إلى بعضها، والأول هو المشترك، كلفظ العين والقرء.
وأما الثاني: فالمتبادر إلى الفهم هو الحقيقة لأن السامع لو لم يضطر إلى أن الواضع وضع ذلك اللفظ لذلك المعنى المتبادر، لما سبق إلى فهمه.
وقول المصنف: "بلا قرينة" احتراز من مبادرة فهم اللفظ بقرينة، فإن هذا هو المجاز -كما تقدم-. =
"متى ما سمعتم هذه اللفظة: فافهموا ذلك المعنى" فيجب حمله عليه.
إلا أن يغلب المجاز بالعرف، كالأسماء العرفية، فتصير -حينئذ- الحقيقة كالمتروكة؛ فإنه لو قال: "رأيت غائطا أو راوية" لم نفهم منه الحقيقة، فيصير الحكم للعرف ولا يصرف إلى الحقيقة، ولا يصرف إلى حقيقة إلا بدليل.
= مترددة بين حقائقها ومجازاتها لكانت مجملة، والمجمل شأنه أن يبقى معطلًا موقوفًا على ما يبينه.
اسم الکتاب : روضة الناظر وجنة المناظر المؤلف : ابن قدامة المقدسي الجزء : 1 صفحة : 503