اسم الکتاب : روضة الناظر وجنة المناظر المؤلف : ابن قدامة المقدسي الجزء : 1 صفحة : 290
فصل: [فيما يفيده الخبر المتواتر]
قال القاضي: العلم الحاصل بالتواتر ضروري، وهو صحيح؛ فإننا نجد أنفسنا مضطرين إليه، كالعلم بوجود مكة، ولأن العلم النظري هو الذي يجوز أن يعرض فيه الشك، وتختلف فيه الأحوال، فيعلمه بعض الناس دون بعض، ولا يعلمه النساء والصبيان ومن ليس من أهل النظر، ولا من ترك النظر قصدًا.
وقال أبو الخطاب: هو نظري؛ لأنه لم يفد العلم بنفسه، ما لم ينتظم في النفس مقدمتان:
إحداهما: أن هؤلاء -مع اختلاف أحوالهم وكثرتهم- لا يجمعهم على الكذب جامع، ولا يتفقون عليه.
الثانية[1]: أنهم قد اتفقوا على الإخبار عن الواقعة، فينبني العلم بالصدق على المقدمتين.
= الأولى: تسمى اللاأدرية، سموا بذلك لأنهم يقولون: لا نعرف ثبوت شيء من الموجودات ولا انتفاءه، بل نحن متوقفون.
الثانية: تسمى العنادية، تنكر حقائق الأشياء وتزعم أنها أوهام.
الثالثة: تسمى العندية، لأنهم يقولون: إن أحكام الأشياء تابعة لاعتقادات الناس، فكل من اعتقد شيئًا فهو في الحقيقة كما اعتقد، فالعالم قديم عند من يعتقد أنه قديم، وحادث عند من يعتقد أنه حادث وهكذا.
قال الشيخ "ابن بدران": "هذه فرق السوفسطائية ومقالاتهم، ومن يناظرهم يبقى في حيرة من أمره، لأنهم ينكرون حقيقة الدليل ومقدماته وسائر الأشياء، فلا يقطعهم إلا الضرب حتى يجدوا حقيقة ألمه، والإلقاء في النار حتي يقال لهم: {ذُوقُوا مَسَّ سَقَر} .. "نزهة الخاطر العاطر جـ1 ص247". [1] في جميع النسخ "الثاني" وما اثبتناه من المستصفى.
اسم الکتاب : روضة الناظر وجنة المناظر المؤلف : ابن قدامة المقدسي الجزء : 1 صفحة : 290