الخلاف في تعريف الخبر لفظي:
والخلاف في هذه المسألة لفظي، وذلك لأن العرب إنما وضعت الخبر للصدق دون الكذب، فقول القائل: زيد قائم، معناه عند أهل اللسان العربي حصول القيام منه وصدوره منه في الزمن الماضي، ولم ينقل عن أحد من أئمة اللغة خلاف ذلك.
"ولقد أحسن من قال: إن مدلول الخبر هو الصدق، إنما الكذب احتمال عقلي، ألا يرى أنه إذا قيل لك من أين علمت أن زيداً قائم؟ تقول له: سمعته من فلان"[1].
واحتمال الخبر للصدق والكذب إنما هو من جهة المتكلم، لا من جهة الوضع اللغوي، لأن المتكلم قد يستعمله صدقاً على وفق الوضع، وقد يستعمله كذباً على خلافه.
ومن هنا كان الخبر لا يخرج عن كونه صدقاً، أو كذباً، للإجماع على أن اليهودي إذا قال: الإسلام حق حكمنا بصدقه، وإذا قال: خلافه حكمنا بكذبه.
فالخبر لا يعرى البتة عن الصدق والكذب، فما ثبت صدقه لا يصح كذبه بعد، وما ثبت كذبه، لا يصح صدقه بعد، لاستحالة ارتفاع الواقع[2]. [1] حاشية العطار على المحلى على جمع الجوامع 2/142. [2] انظر تفاصيله في الفروق للقرافي1/24، وحاشية ادرار الشروق على أنواء الفروق لابن الشاط قاسم بن عبد الله1/19، وحاشية السعد على شرح العضد للمختصر2/51، وإرشاد الفحول ص: 44.