وأنكر الجاحظ[1] انحصار الخبر في الصدق والكذب، وأثبت الواسطة، وزعم أن صدق الخبر مطابقته للواقع مع اعتقاد المطابقة، وكذبه عدم مطابقته للواقع مع اعتقاد أنه غير مطابق، وغيرهما ليس بصدق ولا كذب، وهي أربعة:
المطابقة مع اعتقاد عدم المطابقة، أو بدون الاعتقاد أصلاً، وعدم المطابقة مع اعتقاد المطابقة، أو بدون الاعتقاد أصلاً، ليس بصدق ولا كذب. بدليل قوله تعالى: {أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ} 2
وجه الاستدلال بالآية: أن الكفار عقلاء من أهل اللسان عارفون باللغة، حصروا أخبار النبي صلى الله عليه وسلم، بالبعث على ما يدل عليه تعالى: {إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} [3] في الافتراء والإخبار حال الجنة على سبيل منع الخلو، وليس إخباره حالة الجنة كذباً، لأنهم جعلوه قسيم الافتراء، ولا صدقاً لأنهم اعتقدوا عدم صدقه، فمرادهم [1] هو: عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالولاء، أبو عثمان، الشهير بالجاحظ، الأديب المعتزلي، وإليه تنسب فرقة الجاحظية منهم، له تصانيف كثيرة منها: كتاب الحيوان، والبيان والتبيين وأدب الجاحظ وغيرها. ولد بالبصرة سنة: 162هـ، وفلج في آخر عمره. توفي بالبصرة سنة: 255هـ انظر: الأعلام للزركلي 5/239
2 سورة سبأ آية: 8. [3] سورة سبأ آية: 7.