هل الخبر منحصر في الصدق والكذب؟
اختلف الناس في الخبر هل هو منحصر في الصدق والكذب؟ أم أنه غير منحصر فيهما؟ بل منه ما ليس بصدق ولا كذب، وهو واسطة. تم إن القائلين بأنه منحصر في الصدق والكذب، اختلفوا في تفسير الصدق والكذب.
فقالت طائفة: صدق الخبر مطابقة حكمه لاعتقاد المخبر سواء كان ذلك الاعتقاد صواباً أم خطأ، وكذبه عدم مطابقة حكمه لاعتقاد المخبر، فقول القائل السماء تحتنا معتقداً ذلك، صدق، وكذلك قوله: السماء فوقنا غير معتقد لذلك، كذب.
واستدلوا لذلك بأمرين:
الأول: أن من أخبر عن أمر يعتقده، ثم ظهر خلافه، لا يقاله في حقه إنه كاذب، ولكن يقال: أخطأ، بدليل ما روي عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-، أنها قالت فيمن هذا شأنه: "ما كذب، ولكنه أخطأ ووهم." ورد بأن المنفى هنا تعمد الكذب، بدليل تكذيب الكافر الكتابي إذا قال: الإسلام باطل، وتصديقه إذا قال: الإسلام حق.
الثاني: قوله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ}