ويدل على عدم الالتفات إلى احتمال الكذب في البينات حديث أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إنما أنا بشر[1]وإنكم تختصمون إليّ ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له على نحو ما أسمع منه، فمن قضيت له بحق أخيه شيئاً، فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار" [2].
فهذا الحديث كما ترى نص في ورود الاحتمال في البينات، وأن الاحتمال فيها لا يمنع من إيجاب الحكم بها كما هو محل الاتفاق، فيكون إيجاب الحدود بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أولى. [1] قال ابن حجر: "لعل السرّ في إنما أنا بشر" امتثال قول الله تعالى: {قل إنما أنا بشر} الآية، سورة الكهف آية: 110 أي: في إجراء الأحكام على الظاهر الذي يحتوي فيه جميع المكلفين، فأمر أن يحكم بمثل ما أمروا أن يحكموا به، ليتم الاقتداء به، وتطيب نفوس العباد للانقياد إلى الأحكام الظاهرة من غير نظر إلى الباطن اهـ من فتح الباري13/175. [2] البخاري مع فتح الباري شرح صحيح البخاري13/172.