responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع المؤلف : العطار، حسن    الجزء : 1  صفحة : 63
وَإِنْ كَانَ لِظَنِّيَّةِ أَدِلَّتِهِ ظَنًّا كَمَا سَيَأْتِي التَّعْبِيرُ بِهِ عَنْهُ فِي كِتَابِ الِاجْتِهَادِ؛ لِأَنَّهُ ظَنُّ الْمُجْتَهِدِ الَّذِي هُوَ لِقُوَّتِهِ قَرِيبٌ مِنْ الْعِلْمِ وَكَوْنُ الْمُرَادِ بِالْأَحْكَامِ جَمِيعًا لَا يُنَافِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ مِنْ أَكَابِرِ الْفُقَهَاءِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَحَصَلَ لَهُ ظَنُّ الْحُكْمِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِذَلِكَ الْحُكْمِ قَطْعًا وَكُلَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِهِ قَطْعًا يَكُونُ مَعْلُومًا مَا عِنْدَهُ قَطْعًا.
أَمَّا الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى فَلِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ الْمَظْنُونَ الَّذِي أَدَّى إلَيْهِ رَأْيُ الْمُجْتَهِدِ يَجِبُ الْعَمَلُ عَلَيْهِ بِهِ قَطْعًا وَكَثُرَتْ الْأَخْبَارُ فِي ذَلِكَ حَتَّى صَارَتْ مُتَوَاتِرَةَ الْمَعْنَى.
وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِأَنَّ وُجُوبَ الْعَمَلِ بِطَرِيقِ الْقَطْعِ فَرْعُ الْعِلْمِ بِطَرِيقِ الْقَطْعِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا لَمْ يَجِبْ الْعَمَلُ بِهِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ الْقَطْعِيَّةَ لَيْسَتْ حَاصِلَةً عَنْ الدَّلِيلِ التَّفْصِيلِيِّ بَلْ الْحَاصِلُ عَنْهُ هُوَ ظَنُّ الْحُكْمِ فَالْحُكْمُ ظَنِّيٌّ مِنْ حَيْثُ اسْتِفَادَتُهُ مِنْ الدَّلِيلِ الظَّنِّيِّ لَكِنَّ وُجُوبَ الْعَمَلِ وَالِاتِّبَاعِ عَلَيْهِ قَطْعًا أَوْصَلَهُ إلَى الْعِلْمِ بِثُبُوتِهِ قَطْعًا وَهَذَا أَمْرٌ خَارِجٌ عَنْ مُفَادِ الدَّلِيلِ فَلَا يُنَافِي كَوْنَ الْمَدْلُولِ ظَنِّيًّا وَلِذَلِكَ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَانِ فَإِنْ قُلْت فَمُعْظَمُ مُتَضَمَّنِ مَسَائِلِ الشَّرِيعَةِ ظُنُونٌ قُلْنَا لَيْسَتْ الظُّنُونُ فِقْهًا وَإِنَّمَا الْفِقْهُ الْعِلْمُ بِوُجُوبِ الْعَمَلِ عِنْدَ قِيَامِ الظُّنُونِ وَلِذَلِكَ قَالَ الْمُحَقِّقُونَ أَخْبَارُ الْآحَادِ وَأَقْيِسَةُ الْفِقْهِ لَا تُوجِبُ عَمَلًا لِذَوَاتِهَا وَإِنَّمَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِمَا يَجِبُ بِهِ الْعِلْمُ بِالْعَمَلِ وَهِيَ الْأَدِلَّةُ الْقَاطِعَةُ عَلَى وُجُوبِ الْعَمَلِ عِنْدَ رِوَايَةِ أَخْبَارِ الْآحَادِ وَإِجْرَاءِ الْأَقْيِسَةِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ إلَخْ) الْوَاوُ لِلْحَالِ وَإِنْ زَائِدَةٌ لِمُجَرَّدِ الرَّبْطِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ ظَنِّيٌّ لِظَنِّيَّةِ أَدِلَّتِهِ وَالدَّلِيلُ الظَّنِّيُّ لَا يُنْتِجُ إلَّا ظَنًّا فَدَلَالَتُهُ ظَنِّيَّةٌ سَوَاءٌ كَانَتْ مُقَدِّمَاتُهُ كُلُّهَا ظَنِّيَّةً أَوْ بَعْضُهَا لَا يُقَالُ إنَّ الْفِقْهَ أَحْكَامٌ قَطْعِيَّةٌ مُسْتَفَادَةٌ مِنْ طَرِيقٍ قَطْعِيٍّ كَإِجْمَاعٍ قَطْعِيٍّ بَلَغَ الْمُجْتَهِدَ بِطَرِيقِ التَّوَاتُرِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ بِالْتِزَامِ خُرُوجِهَا عَنْهُ عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ يَقُولُ الْأَدِلَّةُ اللَّفْظِيَّةُ لَا تُفِيدُ إلَّا ظَنًّا وَكَذَا مَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهَا مِنْ إجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ وَبَعْضُهُمْ جَعَلَ أَمْثَالَ هَذِهِ الْأَحْكَامِ مِنْ الْفِقْهِ وَمَشَى عَلَيْهِ الشِّهَابُ عَمِيرَةُ وَجَعَلَ التَّعْبِيرَ بِالظَّنِّ تَغْلِيبًا لِلْأَكْثَرِ عَلَى الْأَقَلِّ.
وَأَمَّا الْأَحْكَامُ الضَّرُورِيَّةُ كَوُجُوبِ الصَّلَاةِ مَثَلًا فَإِنَّ الْمُجْتَهِدِينَ اسْتَنْبَطُوهَا وَحَصَّلُوهَا عَلَى أَدِلَّتِهَا التَّفْصِيلِيَّةِ فَلَيْسَتْ فِي أُصُولِهَا ضَرُورِيَّةً بِمَعْنَى أَنَّهَا لَمْ تَصِلْ إلَيْهِمْ بِلَا دَلِيلٍ إلَّا أَنَّهَا بَعْدَ ذَلِكَ لِشُهْرَتِهَا الْتَحَقَتْ بِضَرُورِيَّاتِ الدِّينِ وَلِذَلِكَ كَفَّرُوا جَاحِدَهَا عَلَى أَنَّ صَاحِبَ الْمَحْصُولِ قَدْ أَخْرَجَهَا عَنْ الْفِقْهِ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ النَّجَّارِيُّ إنَّ الْعِلْمَ بِأَحْكَامِ الْأَرْكَانِ الْخَمْسَةِ لِحُصُولِهِ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ لَا بِالِاسْتِدْلَالِ لَيْسَ مِنْ مُسَمَّى الْفِقْهِ فِي شَيْءٍ اهـ.
وَهُوَ كَلَامٌ وَجِيهٌ وَالنَّفْسُ إلَيْهِ أَمْيَلُ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْأَحْكَامِ اسْتَنْبَطَهَا الْمُجْتَهِدُونَ بَعِيدٌ فَإِنَّ وُجُوبَ أَمْثَالِهَا مِنْ عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْآنَ مَعْلُومٌ لِكُلِّ أَحَدٍ فَهِيَ مِنْ الْقَوَاطِعِ يَقِينًا.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ ظَنُّ الْمُجْتَهِدِ) قَالَ الشِّهَابُ عَمِيرَةُ إشْعَارٌ بِأَنَّ عَلَّاقَةَ الْمَجَازِ فِيهِ الْمُجَاوَرَةُ أَوْ الضِّدِّيَّةُ أَوْ الْمُشَابَهَةُ فَهُوَ مَجَازٌ مُرْسَلٌ أَوْ اسْتِعَارَةٌ وَبَحَثَ فِيهِ سم بِأَنَّ التَّعَارِيفَ تُصَانُ عَنْ الْمَجَازِ إلَّا بِقَرِينَةٍ وَاضِحَةٍ.
وَأَجَابَ بِأَنَّ التَّعْبِيرَ عَنْهُ فِي كِتَابِ الِاجْتِهَادِ بِالظَّنِّ قَرِينَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى ذَلِكَ أَوْ هُوَ مَجَازٌ مَشْهُورٌ عِنْدَهُمْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَإِطْلَاقُ الْعِلْمِ عَلَى مِثْلِ هَذَا التَّهَيُّؤِ شَائِعٌ عُرْفًا فَلَا حَاجَةَ فِيهِ إلَى الْقَرِينَةِ. اهـ.
أَقُولُ قَدْ أَبْعَدَ الْمَرْمَى حَيْثُ جَعَلَ الْقَرِينَةَ مَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الِاجْتِهَادِ وَكَيْفَ تَكُونُ قَرِينَةُ الْمَجَازِ مُنْفَصِلَةً عَنْهُ مَعَ بُعْدِ مَا بَيْنَهُمَا وَلِلَّهِ دَرُّ الْقَائِلِ
سَهْمٌ أَصَابَ وَرَامِيهِ بِذِي سَلَمٍ ... مَنْ بِالْعِرَاقِ لَقَدْ أَبْعَدْت مَرْمَاك
وَجَعَلَهُ قَوْلَ الشَّارِحِ وَإِطْلَاقُ الْعِلْمِ عَلَى مِثْلِ هَذَا التَّهَيُّؤِ إلَى آخِرِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اسْتِعْمَالَ الْعِلْمِ فِي الظَّنِّ مَجَازٌ مَشْهُورٌ عِنْدَهُمْ مَمْنُوعٌ بِأَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ التَّهَيُّؤِ الَّذِي هُوَ مَعْنَى الْمَلَكَةِ الْمَشْهُورُ فِي اسْتِعْمَالِ لَفْظِ الْعِلْمِ وَبَيْنَ الظَّنِّ الَّذِي لَيْسَ مِمَّا يَسْتَغِلُّ فِيهِ لَفْظَ الْعِلْمِ إلَّا الْمَنَاطِقَةُ وَالْكَلَامُ هُنَا بِاصْطِلَاحِ الْأُصُولِيِّينَ وَالْعَجَبُ مِنْهُ أَنَّهُ فِي رَدِّ كَلَامِ النَّاصِرِ الْآتِي اعْتَرَفَ بِأَنَّ الشَّارِحَ بَيَّنَ أَوَّلًا أَنَّ الْعِلْمَ الْمُفَسَّرَ بِهِ الْفِقْهُ وَهُوَ الظَّنُّ وَثَانِيًا أَنَّ الْفِقْهَ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ التَّهَيُّؤُ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ، ثُمَّ قَدْ يُقَالُ إنَّ اعْتِبَارَ الْمُجَاوَرَةِ هَاهُنَا لَا يَتِمُّ كَيْفَ وَقَدْ قَالَ فِي التَّلْوِيحِ الْمُرَادُ بِالْمُجَاوَرَةِ مَا يَعُمُّ كَوْنَ أَحَدِهِمَا حَالًّا فِي الْآخَرِ بِالْجُزْئِيَّةِ أَوْ الْحُلُولِ أَوْ كَوْنَهُمَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ أَوْ كَوْنَهُمَا مُتَلَازِمَيْنِ فِي الْوُجُودِ أَوْ الْعَقْلِ أَوْ الْخَيَالِ وَغَيْرِ ذَلِكَ اهـ.
وَلَا مُلَابَسَةَ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالظَّنِّ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الِاعْتِبَارَاتِ لَا يُقَالُ

اسم الکتاب : حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع المؤلف : العطار، حسن    الجزء : 1  صفحة : 63
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست