responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع المؤلف : العطار، حسن    الجزء : 1  صفحة : 372
لَكِنْ قَالُوا بِذَاتِهِ لَا بِصِفَاتٍ زَائِدَةٍ عَلَيْهَا مُتَكَلِّمٌ لَكِنْ بِمَعْنَى أَنَّهُ خَالِقٌ لِلْكَلَامِ فِي جِسْمٍ كَالشَّجَرَةِ الَّتِي سَمِعَ مِنْهَا مُوسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ لَيْسَ عِنْدَهُمْ إلَّا الْحُرُوفَ، وَالْأَصْوَاتِ الْمُمْتَنِعِ اتِّصَافُهُ تَعَالَى بِهَا فَفِي الْحَقِيقَةُ لَمْ يُخَالِفُوا فِيمَا هُنَا؛ لِأَنَّ صِفَةَ الْكَلَامِ بِمَعْنَى خَلْقِهِ ثَابِتَةٌ لَهُ تَعَالَى وَبَقِيَّةُ الصِّفَاتِ الذَّاتِيَّةِ لَا يَسَعُهُمْ نَفْيُهَا لِمُوَافَقَتِهِمْ عَلَى تَنْزِيهِهِ تَعَالَى عَنْ أَضْدَادِهَا، وَإِنَّمَا يَنْفُونَ زِيَادَتَهَا عَلَى الذَّاتِ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهَا نَفْسُ الذَّاتِ مَرَّ تَبَيُّنُ ثَمَرَاتِهَا عَلَى الذَّاتِ كَكَوْنِهِ عَالِمًا قَادِرًا فَرُّوا بِذَلِكَ مِنْ تَعَدُّدِ الْقُدَمَاءِ عَلَى أَنَّ تَعَدُّدَ الْقُدَمَاءِ إنَّمَا هُوَ مَحْذُورٌ فِي ذَوَاتٍ لَا فِي ذَاتٍ وَصِفَاتٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنْ يَقُولَ، وَالْكَلَامُ؛ لِأَنَّهُ بِالْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ مَنْفِيٌّ عِنْدَهُمْ عَنْ الذَّاتِ، وَإِنْ قَالُوا بِقِيَامِهِ بِمَحَلٍّ آخَرَ كَالشَّجَرَةِ، أَوْ بِثُبُوتِ صِفَةٍ فَعَلَيْهِ بِمَعْنَى خَلْقِ الْكَلَامِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا حَقُّهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ ذُكِرَ فِيمَا وَافَقُونَا عَلَيْهِ مِنْ الْمُشْتَقَّاتِ اهـ.
نَاصِرٌ وَأَجَابَ سم بِأَنَّ الْكَلَامَ كَغَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الصِّفَاتِ مَذْكُورٌ فِي قَوْلِهِ صِفَاتِهِ الذَّاتِيَّةَ وَفِي تَمْثِيلِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ كَالْعِلْمِ، وَالْقُدْرَةِ بِوَاسِطَةِ دُخُولِ كَافِ التَّمْثِيلِ عَلَيْهِ، فَهَذَا سَهْوٌ مِنْ الشَّيْخِ.
(قَوْلُهُ: خَالِقٌ لِلْكَلَامِ) نَظَرَ فِيهِ النَّاصِرُ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُشْتَقِّ الْحَقِيقِيِّ لَا الْمَجَازِيِّ، فَهُوَ عِنْدَهُمْ بِمَعْنَى أَنَّهُ ذُو كَلَامٍ لَكِنْ قَائِمٌ بِمَحَلٍّ آخَرَ، فَالنِّزَاعُ إذًا مَعَهُمْ فِي جَوَازِ الِاشْتِقَاقِ مَعَ قِيَامِ مَعْنَى الْمُشْتَقِّ مِنْهُ بِمَحَلٍّ آخَرَ اهـ.
وَأَجَابَ سم بِمَنْعِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُشْتَقِّ الْحَقِيقِيِّ لَا الْمَجَازِيِّ، بَلْ هُوَ فِي الْأَعَمِّ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَأَمَّا قَوْلُهُ، فَهُوَ عِنْدَهُمْ بِمَعْنَى أَنَّهُ ذُو كَلَامٍ إلَخْ إنْ أَرَادَ أَنَّ مَعْنَاهُ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ قَامَ بِهِ الْكَلَامُ حَقِيقَةً فَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ مَعْنَاهُ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ خَلَقَ الْكَلَامَ، فَهَذَا هُوَ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ كَغَيْرِهِ، وَإِنْ أَرَادَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَمْ يُعْرَفْ وَأَمَّا قَوْلُهُ إنَّ خِلَافَهُمْ فِي الِاشْتِقَاقِ مِنْ مَعْنَى قَامَ بِغَيْرِهِ لَا مِنْ مَعْنَى لَمْ يَقُمْ بِهِ فَفِيهِ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى أَنَّ الِاشْتِقَاقَ مِنْ مَعْنَى لَمْ يَقُمْ بِهِ وَكَوْنُهُ قَامَ بِغَيْرِهِ أَوَّلًا لَا ثَمَرَةَ لَهُ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يُخَالِفُوا فِيمَا هُنَا، وَهُوَ مَنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ وَصْفٌ إلَخْ) ، بَلْ قَائِلُونَ بِهِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْكَلَامِ.
(قَوْلُهُ: نَفْسُ الذَّاتِ) فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الزَّعْمَ بَدِيهِيُّ الِاسْتِحَالَةِ لِمَا يَلْزَمُهُ مِنْ اتِّحَادِ الذَّاتِ، وَالْمَعْنَى، وَالْحَقُّ أَنَّهَا عِنْدَهُمْ وَعِنْدَ الْحُكَمَاءِ صِفَاتٌ اعْتِبَارِيَّةٌ لَا حَقِيقِيَّةٌ كَالْعِلْمِ بِمَعْنَى انْكِشَافِ الْمَعْلُومِ لَا بِمَعْنَى صِفَةِ تَوْجِيهٍ فَلَمْ يُشْتَقَّ مَعَ انْتِفَاءِ قِيَامِ الْمَعْنَى وَلَمْ يَلْزَمْهُمْ جَعْلُ الذَّاتِ مَعْنًى قَالَهُ النَّاصِرُ.
وَأَقُولُ: هَذَا خِلَافُ مَا هُوَ الْمُحَرَّرُ فِي الْكُتُبِ الْكَلَامِيَّةِ الْمُعْتَمَدَةِ وَكَانَ الشَّيْخُ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الْجَلَالِ الدَّوَانِيِّ فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ الْعَضُدِيَّةِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُعْتَزِلَةِ أَنَّهَا مِنْ الِاعْتِبَارَاتِ الْعَقْلِيَّةِ فَنَقَلَهُ وَلَمْ يَنْظُرْ فِيمَا كَتَبَهُ حَوَاشِيهِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ.
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَنْ كَتَبَ عَلَيْهِ مِنْ مُحَقِّقِي الْمُتَأَخِّرِينَ وَأَمَّا بَاطِنُ كَلَامِهِمْ، فَالصِّفَاتُ الَّتِي جَعَلَهَا الْأَشَاعِرَةُ، وَالْمَاتُرِيدِيَّةُ صِفَاتٌ حَقِيقِيَّةٌ زَائِدَةٌ مِثْلُ الْعِلْمِ، وَالْقُدْرَةِ، فَهِيَ عَيْنُ الذَّاتِ عِنْدَهُمْ إلَّا صِفَةَ الْإِرَادَةِ فَإِنَّهَا حَادِثَةٌ قَائِمَةٌ بِذَاتِهَا لَا بِمَحَلٍّ فِي زَعْمِهِمْ، وَالصِّفَاتُ الَّتِي جَعَلُوهَا صِفَاتٍ اعْتِبَارِيَّةً زَائِدَةٌ لَيْسَتْ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ، بَلْ الصِّفَاتُ الْمُعَلَّلَةُ بِهَا كَالْعَالِمِيَّةِ الْمُعَلَّلَةِ بِالْعِلْمِ إلَخْ لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْعِلْمُ، وَالْقُدْرَةُ وَأَمْثَالُهَا عَيْنَ الذَّاتِ عِنْدَهُمْ كَانَتْ تِلْكَ الصِّفَاتُ مُعَلَّلَةً بِالذَّاتِ عِنْدَهُمْ لَا بِالْعِلْمِ الزَّائِدِ إلَخْ؛ وَلِذَا قَالُوا هُوَ عَالِمٌ بِالذَّاتِ وَقَادِرٌ بِالذَّاتِ وَعِلْمُهُ عَيْنُ ذَاتِهِ وَعَالَمِيَّتُهُ زَائِدَةٌ وَقَادِرٌ بِذَاتِهِ وَقَادِرِيَّتُهُ زَائِدَةٌ إلَخْ فَلَيْسَ لِلْوَاجِبِ عِلْمٌ زَائِدٌ لَا صِفَةٌ حَقِيقِيَّةٌ وَلَا اعْتِبَارِيَّةٌ؛ وَلِذَا أَوْرَدَ عَلَيْهِمْ الْأَشَاعِرَةُ بِأَنَّ قَوْلَهُمْ هُوَ عَالِمٌ وَلَا عِلْمَ لَهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِنَا هَذَا الْجِسْمُ أَسْوَدُ وَلَا سَوَادَ لَهُ، وَهُوَ سَفْسَطَةٌ فَلَوْ أَثْبَتُوا لَهُ تَعَالَى عِلْمًا زَائِدًا وَلَوْ وَصْفًا اعْتِبَارِيًّا لَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ لَا يُرَادُ وَجْهٌ أَصْلًا اهـ.
فَهَذَا صَرِيحٌ فِيمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَفِي الدَّوَانِيِّ أَيْضًا، وَالْفَلَاسِفَةُ حَقَّقُوا عَيْنِيَّةَ الصِّفَاتِ اهـ.
فَقَدْ رَجَعَ كَلَامُ الْمُعْتَزِلَةِ إلَى كَلَامِ الْفَلَاسِفَةِ بِعَيْنِهِ وَلَنَا فِي هَذَا الْمَطْلَبِ رِسَالَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ اسْتَوْعَبْنَا فِيهَا أَطْرَافَ الْكَلَامِ (قَوْلُهُ: فَرُّوا بِذَلِكَ مِنْ تَعَدُّدِ الْقُدَمَاءِ) ، أَيْ: الَّذِي كَفَرَتْ بِهِ النَّصَارَى.
(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ) أَيْ، وَالتَّحْقِيقُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ إلَخْ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ اسْتِدْرَاكٌ رَدَّ عَلَيْهِمْ فِيمَا تَمَسَّكُوا بِهِ.
(قَوْلُهُ: لَا فِي ذَاتٍ وَصِفَاتٍ)

اسم الکتاب : حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع المؤلف : العطار، حسن    الجزء : 1  صفحة : 372
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست