responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع المؤلف : العطار، حسن    الجزء : 1  صفحة : 352
(مَسْأَلَةٌ قَالَ ابْنُ فَوْرَكٍ، وَالْجُمْهُورُ اللُّغَاتُ تَوْقِيفِيَّةٌ) :
أَيْ: وَضَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى فَعَبَّرُوا عَنْ وَضْعِهِ بِالتَّوْقِيفِ لِإِدْرَاكِهِ بِهِ (عَلَّمَهَا اللَّهُ) عِبَادَهُ (بِالْوَحْيِ) إلَى بَعْضِ أَنْبِيَائِهِ (أَوْ خَلْقِ الْأَصْوَاتِ) فِي بَعْضِ الْأَجْسَامِ بِأَنْ تَدُلَّ مَنْ يَسْمَعُهَا مِنْ بَعْضِ الْعِبَادِ عَلَيْهَا (أَوْ) خَلِقِ (الْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ) فِي بَعْضِ الْعِبَادِ بِهَا، وَالظَّاهِرُ مِنْ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ أَوَّلُهَا؛ لِأَنَّهُ الْمُعْتَادُ فِي تَعْلِيمِ اللَّهِ تَعَالَى (وَعُزِيَ) ، أَيْ: الْقَوْلُ بِأَنَّهَا تَوْقِيفِيَّةٌ (إلَى الْأَشْعَرِيِّ) ، وَمُحَقِّقُو كَلَامِهِ كَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيِّ وَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرِهِمَا لَمْ يَذْكُرُوهُ فِي الْمَسْأَلَةِ أَصْلًا وَاَسْتُدِلَّ لِهَذَا الْقَوْلِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة: 31] ، أَيْ: الْأَلْفَاظَ الشَّامِلَةَ لِلْأَسْمَاءِ، وَالْأَفْعَالِ، وَالْحُرُوفِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا اسْمٌ أَيْ عَلَامَةٌ عَلَى مُسَمَّاهُ وَتَخْصِيصُ الِاسْمِ بِبَعْضِهَا عُرْفٌ طَرَأَ وَتَعْلِيمُهُ تَعَالَى دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجُمْلَةِ كَمَا فِي الْقَيُّومِ فَإِنَّهُمْ يَتَخَاطَبُونَ بِهِ وَلَا يَعْرِفُونَ أَنَّ مَعْنَاهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ الْعِبَادِ وَالْجُمْهُورُ اللُّغَاتُ إلَخْ.

[مَسْأَلَةٌ قَالَ ابْنُ فَوْرَكٍ وَالْجُمْهُورُ اللُّغَاتُ تَوْقِيفِيَّةٌ]
(قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ فَوْرَكٍ) مَمْنُوعٌ مِنْ الصَّرْفِ لِلْعَلَمِيَّةِ، وَالْعُجْمَةِ وَفَتْحُ فَائِهِ أَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا وَأَفْرَدَهُ؛ لِاشْتِهَارِهِ بِالْمَسْأَلَةِ، وَإِلَّا، فَهُوَ مِنْ الْجُمْهُورِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: تَوْقِيفِيَّةٌ) ، أَيْ: تَعْلِيمِيَّةٌ، أَيْ: عَلَّمَهَا اللَّهُ لَنَا هَذَا مَعْنَى التَّوْقِيفِ وَالشَّارِحُ فَسَّرَهُ بِالْوَضْعِ وَبَيَّنَ أَنَّهُ مَجَازٌ بِقَوْلِهِ فَعَبَّرُوا وَأَشَارَ إلَى عَلَاقَةِ ذَلِكَ الْمَجَازِ بِقَوْلِهِ: لِإِدْرَاكِهِ بِهِ، فَالْعَلَاقَةُ السَّبَبِيَّةُ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيمَ سَبَبٌ فِي إدْرَاكِ الْوَضْعِ وَحَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا اشْتَهَرَ هَلْ الْوَاضِعُ لِلُّغَاتِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى، أَوْ الْبَشَرُ قِيلَ وَلَا يَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ حُكْمٌ وَأَنَّ ذِكْرَهَا فِي الْأُصُولِ فُضُولٌ وَأَنَّ الْخِلَافَ فِيهَا طَوِيلُ الذَّيْلِ قَلِيلُ النَّيْلِ وَقِيلَ إنَّ لِلْخِلَافِ ثَمَرَةٌ فَقَدْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: ثَمَرَةُ الْخِلَافِ أَنَّ مَنْ قَالَ بِالتَّوْقِيفِ جَعَلَ التَّكْلِيفَ مُقَارِنًا لِكَمَالِ الْعَقْلِ، وَمَنْ قَالَ بِالِاصْطِلَاحِ أَخَّرَ التَّكْلِيفَ عَنْ الْعَقْلِ مِنْ الِاصْطِلَاحِ عَلَى مَعْرِفَةِ الْكَلَامِ اهـ.
وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِأَوَّلِ طَبَقَةٍ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ قَبْلَ الْفَهْمِ غَيْرُ مُكَلَّفٍ قَطْعًا؛ لِأَنَّ شَرْطَ التَّكْلِيفِ، فَهْمُ الْخِطَابِ، وَإِنَّمَا يُكَلَّفُ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ، وَالْفَهْمِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْفَهْمُ وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّأْخِيرُ مُدَّةَ التَّعْلِيمِ وَلَا يُسْقِطُ عَنْهُ الْجَهْلُ إلَّا الْإِثْمَ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّهَا تَوْقِيفِيَّةٌ أَمْ لَا وَقِيلَ إنَّ ثَمَرَتَهُ تَظْهَرُ فِي جَوَازِ تَغْيِيرِ اللُّغَةِ وَعَدَمِهِ مِمَّا لَا يَتَعَلَّقُ بِالشَّرْعِيَّاتِ فَعَلَى التَّوْقِيفِ لَا يَجُوزُ وَعَلَى الِاصْطِلَاحِ يَجُوزُ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ تَعَالَى لَمْ يُوجِبْ اسْتِعْمَالَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فِي مَوْضُوعَاتِهَا؛ وَلِذَلِكَ جَازَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ نَعَمْ تَظْهَرُ الْحُرْمَةُ إنْ أَدَّى إلَى تَخْلِيطٍ فِي الشَّرَائِعِ.
(قَوْلُهُ: لِإِدْرَاكِهِ بِهِ) ، أَيْ: إدْرَاكِ الْوَضْعِ بِالتَّوْقِيفِ، وَهَذَا بِالنَّظَرِ لِظَاهِرِ الْحَالِ، وَإِلَّا فَمِنْ الْمُحْتَمَلِ أَنَّ التَّوْقِيفَ لِمَا وَضَعَهُ غَيْرُهُ.
(قَوْلُهُ: إلَى بَعْضِ أَنْبِيَائِهِ) الظَّاهِرُ مِنْ السِّيَاقِ الْآتِي أَنَّهُ آدَم وَيُحْتَمَلُ أَنَّ ذَلِكَ الْبَعْضَ جُمْلَةٌ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ تَكَرُّرِ النُّزُولِ بِأَنْ يُعَلِّمَ اللَّهُ آدَمَ شَيْئًا، ثُمَّ يُعَلِّمَ الْآخَرَ ذَلِكَ الشَّيْءَ بِتَوْقِيفٍ لِيَكُونَ تَجْدِيدًا لَا تَأْسِيسًا، أَوْ يَكُونَ الْمُوحَى إلَى النَّبِيِّ الثَّانِي لُغَاتٍ أُخَرَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَدُلَّ) بِالْفَوْقِيَّةِ أَيْ الْأَصْوَاتُ، أَوْ بِالتَّحْتِيَّةِ، أَيْ: اللَّهُ مِنْ بَعْضِ الْعِبَادِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مِنْ بَيَانٌ لِمَنْ يَسْمَعُهَا، وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ بَعْضِ.
(قَوْلُهُ: عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى اللُّغَاتِ، أَوْ عَلَى مَعَانِيهَا، فَالْأَصْوَاتُ الْمَخْلُوقَةُ عَلَى الْأَوَّلِ هِيَ قَوْلُ لَفْظُ كَذَا لِكَذَا فَيَكُونُ غَيْرَ اللُّغَاتِ؛ إذْ هِيَ مُعَرَّفَةٌ لَهَا وَعَلَى الثَّانِي هِيَ نَفْسُ الْأَلْفَاظِ الْمَوْضُوعَةِ لِلْمَعَانِي وَعَلَى كُلٍّ لَا بُدَّ مِنْ خَلْقِ الْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ يُفْهَمُ بِهِ الْمَعْنَى؛ إذْ مُجَرَّدُ خَلْقِ الْأَصْوَاتِ لَا يَدُلُّ؛ وَلِذَلِكَ جَعَلَ السَّعْدُ الْخَلْقَ، وَالْإِلْهَامَ طَرِيقًا وَاحِدًا (وَقَوْلُهُ، أَيْ: الْقَوْلُ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ أَنَّ ضَمِيرَهُ عَائِدٌ إلَى الْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ (قَوْلُهُ:، وَمُحَقِّقُو إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى وَجْهِ الضَّعْفِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَعُزِيَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَذْكُرُوهُ) ، أَيْ: الْأَشْعَرِيَّ (قَوْلُهُ: وَتَخْصِيصُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ الدَّلِيلُ لَا يُطَابِقُ الْمُدَّعَى فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالْأَسْمَاءِ مَا قَابَلَ الْأَفْعَالَ، وَالْحُرُوفَ.
(قَوْلُهُ: عُرْفٌ طَرَأَ) ، أَيْ: فَلَا يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ عَلَيْهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَسْمَاءِ الْمَعْنَى الْعُرْفِيُّ، فَالدَّلِيلُ تَامٌّ أَيْضًا؛ إذْ لَا قَائِلَ بِالْفَصْلِ؛ وَلِأَنَّ التَّكَلُّمَ لِمُجَرَّدِ تَعْلِيمِ الْأَسْمَاءِ دُونَهُمَا مُتَعَذِّرًا، وَمُتَعَسِّرًا.
(قَوْلُهُ: وَتَعْلِيمُهُ إلَخْ) بَيَانٌ لِوَجْهِ الدَّلَالَةِ.
(قَوْلُهُ: دَالٌّ) ، أَيْ: دَلَالَةً ظَنِّيَّةً لَا قَطْعِيَّةً؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرَادَ بِعَلِمَ أُلْهِمَ

اسم الکتاب : حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع المؤلف : العطار، حسن    الجزء : 1  صفحة : 352
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست