responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع المؤلف : العطار، حسن    الجزء : 1  صفحة : 267
قَوْلُ الْفُقَهَاءِ: إنَّ مَنْ جُنَّ بَعْدَ ارْتِدَادِهِ، ثُمَّ أَفَاقَ وَأَسْلَمَ يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ صَلَوَاتِ زَمَنِ الْجُنُونِ اسْتِصْحَابًا لِحُكْمِ مَعْصِيَةِ الرِّدَّةِ؛ لِأَنَّ إسْقَاطَ الصَّلَاةِ عَنْ الْجُنُونِ رُخْصَةٌ وَالْمُرْتَدُّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الرُّخْصَةِ أَمَّا الْخَارِجُ غَيْرُ تَائِبٍ فَعَاصٍ قَطْعًا كَالْمَاكِثِ (وَالسَّاقِطُ) بِاخْتِيَارِهِ أَوْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ (عَلَى جَرِيحٍ) بَيْنَ جَرْحَى (يَقْتُلُهُ إنْ اسْتَمَرَّ) عَلَيْهِ (وَ) يُقْتَلُ (كُفْؤُهُ) فِي صِفَاتِ الْقِصَاصِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّارِحِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُعَوِّلْ فِيهَا عَلَى ثُبُوتِ تَعَلُّقِ الْأَمْرِ بِوَجْهٍ بَلْ اقْتَصَرَ فِيهَا كَمَا تَرَى عَلَى انْتِفَاءِ النَّهْيِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَزِدْ فِي بَيَانِ الِاسْتِبْعَادِ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا نَهْيَ فَأَيْنَ اعْتِبَارُهُ ثُبُوتَ تَعَلُّقِ الْأَمْرِ، ثُمَّ سَرَدَ عِبَارَةَ جَمَاعَةٍ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ تَأْيِيدًا لِمَا قَالَهُ قَائِلًا: فَقَدْ ظَهَرَ بِهَذِهِ الصَّرَائِحِ ظُهُورًا أَلَا يَقْبَلُ الْمُدَافَعَةَ أَنَّ مَنْشَأَ الِاسْتِبْعَادِ لَيْسَ إلَّا مُجَرَّدُ انْتِفَاءِ تَعَلُّقِ النَّهْيِ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الشَّارِحِ وَأَنَّ قَوْلَ الْفُقَهَاءِ الَّذِي حَكَاهُ الشَّارِحُ دَافِعٌ لِلِاسْتِبْعَادِ بِلَا ارْتِيَابٍ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ قَوْلَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ لَا يَصْلُحُ بِمُجَرَّدِهِ أَنْ يَكُونَ دَافِعًا لِقَوْلِ بَعْضٍ آخَرَ فَهُوَ مِمَّا يُتَعَجَّبُ مِنْهُ أَمَّا أَوَّلًا فَلَيْسَ الْمُدَّعَى أَنَّ قَوْلَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ دَافِعٌ قَوْلَ بَعْضٍ آخَرَ بَلْ دَفَعَ اسْتِبْعَادِ قَوْلٍ آخَرَ عَلَى وَفْقِهِ وَفَرْقٌ كَثِيرٌ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ.
وَأَمَّا ثَانِيًا فَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِاسْتِبْعَادِ شَيْءٍ عُهِدَ نَظِيرُهُ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ فَأَنَّهُمْ قَدْ يَدْفَعُونَ اسْتِبْعَادَ الشَّيْءِ بِأَنَّهُ قِيلَ بِنَظِيرِهِ، وَأَمَّا ثَالِثًا، فَإِنَّ فُقَهَاءَ الشَّافِعِيَّةِ الَّذِينَ هُمْ حُذَّاقُ الْإِسْلَامِ قَدْ تَمَالَئُوا عَلَى ذَلِكَ فَكَيْفَ يَكُونُ دَافِعًا لِاسْتِبْعَادِ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ اهـ.
وَالْإِنْصَافُ أَنَّ هَذَا تَحَمُّلٌ مِنْهُ، فَإِنَّ دَعْوَى أَنَّ عِبَارَةَ الْمُخْتَصَرِ لَمْ يُعَوَّلْ فِيهَا عَلَى ثُبُوتِ تَعَلُّقِ الْأَمْرِ مَمْنُوعٌ وَكَأَنَّهُ نَظَرَ لِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ وَلَا نَهْيَ قَاطِعًا النَّظَرَ عَمَّا قَبْلَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ:، وَإِذَا تَعَيَّنَ الْخُرُوجُ لِلْأَمْرِ إلَخْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَعْنَاهُ مَا أَفْصَحَ بِهِ الْعَضُدُ بِقَوْلِهِ مَعَ إيجَابِهِ الْخُرُوجَ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْإِيجَابَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْأَمْرِ وَالْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُصَرِّحٌ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْخُرُوجِ حَاصِلٌ مَعَ انْقِطَاعِ تَكْلِيفِ النَّهْيِ بِقَوْلِهِ فِيمَا نَقَلْنَاهُ عَنْهُ سَابِقًا فَهُوَ مَأْمُورٌ بِالْخُرُوجِ وَلَيْسَ خَارِجًا عَنْ الْعُدْوَانِ إلَخْ وَمَا تَمَسَّكَ بِهِ عِبَارَاتُ الْجَمَاعَةِ لَا يَدُلُّ لِمُدَّعَاهُ، كَمَا يَظْهَرُ ذَلِكَ لِلْمُتَأَمِّلِ فِي كَلَامِهِمْ فَتَشْنِيعُهُ عَلَى شَيْخِهِ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا نَعَمْ مَا تَكَلَّمَ بِهِ عَنْ الْعَلَاوَةِ مُسَلَّمٌ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: قَوْلُ الْفُقَهَاءِ) بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِنَا مُعَاشِرَ الشَّافِعِيَّةِ، وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فَلَعَلَّ اسْتِبْعَادَهُ بِمُقْتَضَى مَذْهَبِهِ.
(قَوْلُهُ: أَنَّ مَنْ جُنَّ) التَّنْظِيرُ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِصْحَابُ، وَإِنْ كَانَ الْمَجْنُونُ لَا تَسَبُّبَ لَهُ بِخِلَافِ الدَّاخِلِ فِي الْمَكَانِ الْمَغْصُوبِ.
(قَوْلُهُ: رُخْصَةٌ) أَيْ تَخْفِيفٌ فَهِيَ هُنَا بِمَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ وَلَيْسَتْ بِمَعْنَاهَا الِاصْطِلَاحِيِّ؛ لِأَنَّهَا مِنْ خِطَابِ التَّكْلِيفِ كَمَا مَرَّ فَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ وَالْإِسْقَاطُ فِي الْمَجْنُونِ لَا يَتَعَلَّقُ بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ.
(قَوْلُهُ: وَالسَّاقِطُ إلَخْ) قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَانِ بَعْدَ ذِكْرِ كَلَامِ أَبِي هَاشِمٍ: وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِمَا نَقَلْنَاهُ سَابِقًا، وَيَظْهَرُ الْغَرَضُ مِنْهُ بِمَسْأَلَةٍ أَلْقَاهَا أَبُو هَاشِمٍ حَارَتْ فِيهَا عُقُولُ الْفُقَهَاءِ وَأَنَا ذَاكِرُهَا وَمُوَضِّحٌ مَا فِيهَا، وَهُوَ أَنَّ مَنْ تَوَسَّطَ جَمْعًا مِنْ الْجَرْحَى وَجَثَمَ عَلَى صُدُورِ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَوْ بَقِيَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ لَهَلَكَ مَنْ تَحْتَهُ وَلَوْ انْتَقَلَ عَنْهُ لَمْ يَجِدْ مَوْقِعَ قَدَمٍ إلَّا بَدَنٍ آخَرَ وَفِي انْتِقَالِهِ هَلَاكُ الْمُنْقَلِ إلَيْهِ فَكَيْفَ حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ وَمَا الْوَجْهُ فِيهِ؟ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَمْ أَتَحَصَّلْ فِيهَا مِنْ قَوْلِ الْفُقَهَاءِ عَلَى ثَبْتٍ وَالْوَجْهُ الْمَقْطُوعُ بِهِ سُقُوطُ التَّكْلِيفِ عَنْ صَاحِبِ الْوَاقِعَةِ مَعَ اسْتِمْرَارِ حُكْمِ سَخَطِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَغَضَبِهِ عَلَيْهِ، أَمَّا وَجْهُ سُقُوطِ التَّكْلِيفِ فَلِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ تَكْلِيفُهُ مَا لَا يُطِيقُهُ وَوَجْهُ اسْتِمْرَارِ حُكْمِ الْعِصْيَانِ عَلَيْهِ تَسَبُّبُهُ إلَى مَا لَا مُخَلِّصَ لَهُ مِنْهُ وَلَوْ فُرِضَ إلْقَاءُ رَجُلٍ رَجُلًا عَلَى صَدْرِ وَاحِدٍ كَمَا سَبَقَ الْفَرْضُ وَالتَّصْوِيرُ بِحَيْثُ لَا يُنْسَبُ الْوَاقِعُ إلَى اخْتِيَارٍ فَلَا تَكْلِيفَ وَلَا عِصْيَانَ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِاخْتِيَارِهِ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِيهِمَا وَهُوَ مَا فِي الْبُرْهَانِ وَيُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُ الْمَنْخُولِ الْآتِي، فَمَا قَالَهُ الْكَمَالُ أَنَّ كَلَامَ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ لَا يَتِمُّ إلَّا بِتَصْوِيرِهِ بِالسَّاقِطِ اخْتِيَارًا ذُهُولٌ عَنْ آخِرِ عِبَارَتِهِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى جَرِيحٍ) مَحْضُ تَمْثِيلٍ وَإِلَّا فَغَيْرُهُ مِثْلُهُ.
(قَوْلُهُ: وَيُقْتَلُ كُفْؤُهُ) أَيْ كُفُؤُ الْجَرِيحِ لَا كُفُؤٌ لِوَاقِعِ إذْ لَا يَتَفَاوَتُ الْحَالُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: فِي صِفَاتِ الْقِصَاصِ) أَيْ لَا غَيْرِهَا فَلَا تُعْتَبَرُ وَمَا فَرَّعَهُ سم هُنَا مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ

اسم الکتاب : حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع المؤلف : العطار، حسن    الجزء : 1  صفحة : 267
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست