responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع المؤلف : العطار، حسن    الجزء : 1  صفحة : 260
انْفَصَلَ الْحَنَفِيَّةُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِمْ فِيهَا بِالصِّحَّةِ مَعَ كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ كَالصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ أَمَّا الصَّلَاةُ فِي الْأَمْكِنَةِ الْمَكْرُوهَةِ فَصَحِيحَةٌ وَالنَّهْيُ عَنْهَا لِخَارِجٍ جَزْمًا كَالتَّعَرُّضِ بِهَا فِي الْحَمَّامِ لِوَسْوَسَةِ الشَّيَاطِينِ وَفِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ لِنِفَارِهَا وَفِي قَارِعَةِ الطَّرِيقِ لِمُرُورِ النَّاسِ وَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ يَشْغَلُ الْقَلْبَ عَنْ الصَّلَاةِ وَيُشَوِّشُ الْخُشُوعَ فَالنَّهْيُ فِي الْأَمْكِنَةِ لَيْسَ لِنَفْسِهَا بِخِلَافِ الْأَزْمِنَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخَارِجِ هَذَا مَا حَرَّرَهُ سم وَنَقَلَ مَا يُؤَيِّدُهُ مِنْ عِبَارَاتِ الْقَوْمِ (قَوْلُهُ: انْفَصَلَ الْحَنَفِيَّةُ) أَيْ تَخَلَّصُوا مِنْ اسْتِشْكَالِ كَوْنِهَا صَحِيحَةً مَعَ كَوْنِ النَّهْيِ لِلتَّحْرِيمِ وَمِثْلُ الْحَنَفِيَّةِ فِي ذَلِكَ الْمَالِكِيَّةُ، فَإِنَّهُمْ قَائِلُونَ بِالصِّحَّةِ مَعَ كَوْنِ الْكَرَاهَةِ تَحْرِيمِيَّةً وَوَجْهُ ذَلِكَ رُجُوعُ النَّهْيِ إلَى خَارِجٍ لَا إلَى ذَاتِ الصَّلَاةِ، وَقَوْلُهُ: أَيْضًا أَيْ كَمَا انْفَصَلَ الْقَائِلُ مِنَّا بِالصِّحَّةِ عَلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ.
(قَوْلُهُ: كَالصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ) أَيْ فِي مَكَان أَوْ سُتْرَةٍ مَثَلًا، وَهَذَا تَنْظِيرٌ فِي كَوْنِهَا صَحِيحَةً اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْهَا لِأَمْرٍ خَارِجٍ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا الصَّلَاةُ فِي الْأَمْكِنَةِ إلَخْ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ قَالَ زَكَرِيَّا، فَإِنْ قُلْت: لِمَ صَرَّحُوا بِالصِّحَّةِ هُنَا وَأَثْبَتُوا فِيهَا فِي الصَّلَاةِ فِي مَغْصُوبٍ خِلَافًا كَمَا سَيَأْتِي قُلْت: لِأَنَّ النَّهْيَ هُنَا لِلتَّنْزِيهِ وَثَمَّ لِلتَّحْرِيمِ.
وَقَدْ رَأَيْت فِي رِحْلَةِ الْفَخْرِ الرَّازِيّ إلَى بِلَادِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ مَا صُورَتُهُ قَالَ: اجْتَزْت طُوسَ فَأَنْزَلُونِي فِي صَوْمَعَةِ الْغَزَالِيِّ وَاجْتَمَعُوا عِنْدِي فَقُلْت لَهُمْ: إنَّكُمْ أَفْنَيْتُمْ أَعْمَارَكُمْ فِي قِرَاءَةِ كِتَابِ الْمُسْتَصْفَى وَكُلُّ مَنْ قَدَرَ عَلَى أَنْ يَذْكُرَ دَلِيلًا مِنْ الدَّلَائِلِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْغَزَالِيُّ مِنْ أَوَّلِ كِتَابِ الْمُسْتَصْفَى إلَخْ وَيُقْرِرْهُ عِنْدِي بِعَيْنِ تَقْرِيرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَضُمَّ إلَيْهِ كَلَامًا آخَرَ أَجْنَبِيًّا عَنْ ذَلِكَ الْكَلَامِ أَعْطَيْته مِائَةَ دِينَارٍ فَجَاءَ فِي الْغَدِ رَجُلٌ مِنْ أَذْكِيَائِهِمْ يُقَالُ لَهُ أَمِيرُ شَرَفِ شَاهْ، وَتَكَلَّمُوا فِي مَسْأَلَةِ الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ لِظَنِّهِ أَنَّ كَلَامَ الْغَزَالِيِّ فِيهِ قَوِيٌّ.
فَقُلْت لَهُمْ: إنَّ كَلَامَ الْغَزَالِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي غَايَةِ الضَّعْفِ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ جِهَةُ كَوْنِهَا صَلَاةً مُغَايِرٌ لِجِهَةِ كَوْنِهَا غَصْبًا وَلَمَّا تَغَايَرَتْ الْجِهَتَانِ لَمْ يَبْعُدَانِ يَتَفَرَّعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَاتَيْنِ الْجِهَتَيْنِ مَا يَلِيقُ بِهِ، وَهَذَا الْجَوَابُ ضَعِيفٌ جِدًّا؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ مَاهِيَّةٌ مُرَكَّبَةٌ مِنْ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ حَرَكَاتٌ وَسَكَنَاتٌ وَالْحَرَكَةُ عِبَارَةٌ عَنْ الْحُصُولِ فِي الْحَيِّزِ بَعْدَ أَنْ كَانَ فِي حَيِّزٍ آخَرَ، وَالسُّكُونُ عِبَارَةٌ عَنْ الْحُصُولِ فِي الْحَيِّزِ الْوَاحِدِ أَكْثَرَ مِنْ زَمَانٍ وَاحِدٍ فَالْحُصُولُ فِي الْحُصُولِ جُزْءُ مَاهِيَّةِ الْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ وَهُمَا جُزْءَانِ مِنْ مَاهِيَّةِ الصَّلَاةِ، إذَا عُرِفَ هَذَا.
فَنَقُولُ: إنْ اعْتَبَرْنَا الصَّلَاةَ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ كَانَ جُزْءُ مَاهِيَّتِهَا الْحُصُولَ فِي الْحَيِّزِ وَهِيَ الْأَرْضُ الْمَغْصُوبَةُ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الْحُصُولَ مُحَرَّمٌ فَكَانَتْ أَجْزَاءُ مَاهِيَّةِ الصَّلَاةِ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ مُحَرَّمَةً فَالْغَصْبُ وَالْمُحَرَّمُ هُنَا جُزْءٌ مِنْ مَاهِيَّةِ الصَّلَاةِ فَيَمْتَنِعُ تَعَلُّقُ الْأَمْرِ بِهَذِهِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ يُوجِبُ الْأَمْرَ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا وَشَغْلَ ذَلِكَ الْحَيِّزِ الَّذِي هُوَ جُزْءٌ مِنْهَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَيَلْزَمُ حِينَئِذٍ تَوَارُدُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ عَلَى الشَّيْءِ الْوَاحِدِ بِاعْتِبَارٍ وَاحِدٍ وَأَنَّهُ مُحَالٌ، فَثَبَتَ أَنَّ مَا تَخَيَّلَهُ الْغَزَالِيُّ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْجِهَتَيْنِ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ كَلَامٌ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَمَّا قَرَرْت هَذَا الْكَلَامَ انْقَطَعَ الْأَمِيرُ شَرَفُ شَاهْ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالنَّهْيُ عَنْهَا لِخَارِجٍ) أَيْ خَارِجٍ غَيْرِ لَازِمٍ كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ: كَالتَّعَرُّضِ إلَخْ تَمْثِيلٌ لِلْخَارِجِ الْغَيْرِ اللَّازِمِ، فَإِنَّ التَّعَرُّضَ لِلْوَسْوَسَةِ أَوْ نِفَارِ الْإِبِلِ أَوْ مُرُورِ النَّاسِ يَحْصُلُ بِغَيْرِ الصَّلَاةِ فِي الْأَمْكِنَةِ الْمَذْكُورَةِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ لَازِمًا فَلَا يَكُونُ النَّهْيُ لِخَارِجٍ لَازِمٍ حَتَّى يَقْتَضِيَ الْفَسَادَ؛ لِأَنَّ بِاللَّازِمِ لَا يَحْصُلُ بِغَيْرِ ذَلِكَ الْفِعْلِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ.
(قَوْلُهُ: لَيْسَ لِنَفْسِهَا) يَعْنِي لَيْسَ لِنَفْسِ الصَّلَاةِ وَلَا لِلَازِمِهَا بِخِلَافِهِ فِي الْأَزْمِنَةِ قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَأَفَادَ كَلَامُهُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي نَفْسِهَا لِلصَّلَاةِ وَهُوَ أَقْرَبُ مَعْنًى مِنْ جَعْلِهِ لِلْمَكَانِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْكَمَالِ وَصَرَّحَ بِهِ النَّاصِرُ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَزْمِنَةِ) أَيْ، فَإِنَّ النَّهْيَ عَنْهَا لِنَفْسِ الْأَزْمِنَةِ أَوْ الصَّلَاةِ وَأَوْرَدَ أَنَّ مُوَافَقَةَ عُبَّادِ الشَّمْسِ فِي الزَّمَانِ لِأَمْرٍ خَارِجٍ كَمَا أَنَّ الْوَسْوَسَةَ وَالنَّفَاذَ فِي الْأَمْكِنَةِ لِأَمْرٍ خَارِجٍ فَلَمْ يَتَّضِحْ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا

اسم الکتاب : حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع المؤلف : العطار، حسن    الجزء : 1  صفحة : 260
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست