responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع المؤلف : العطار، حسن    الجزء : 1  صفحة : 26
مِنْ عَطْفِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ صَرَّحَ بِهِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى اللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَى الْمَعْنَى (لِعُيُونِ الْأَلْفَاظِ) أَيْ لِلْمَعَانِي الَّتِي يَدُلُّ عَلَيْهَا بِاللَّفْظِ وَيَهْتَدِي بِهَا كَمَا يَهْتَدِي بِالْعُيُونِ الْبَاصِرَةِ وَهِيَ الْعِلْمُ الْمَبْعُوثُ بِهِ النَّبِيُّ الْكَرِيمُ (مَقَامَ بَيَاضِهَا)
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْكِنَايَةِ فِي الْأَلْفَاظِ بِتَشْبِيهِ أَنْوَاعِهَا بِذَوِي الْعُيُونِ الْبَاصِرَةِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُ كُلٍّ ذَا أَجْزَاءٍ بَعْضُهَا أَشْرَفُ مِنْ بَعْضٍ وَالْعُيُونُ تَخْيِيلٌ وَالسُّطُورُ وَالطُّرُوسُ تَجْرِيدٌ وَالسَّوَادُ وَالْبَيَاضُ تَرْشِيحٌ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِالطُّرُوسِ الْوَرَقَ بِدُونِ كِتَابَةٍ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ اسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ قَصْدُ تَمَكُّنِ تَجْنِيسِ الْقَلْبِ بَيْنَ الطُّرُوسِ وَالسُّطُورِ وَرَدَّهُ سَمِّ بِأَنَّ الْحَمْلَ عَلَى الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ لِلطُّرُوسِ هُوَ الصُّحُفُ كَانَ الْحَمْلُ عَلَيْهِ وَاجِبًا عِنْدَ انْتِقَاءِ قَرِينَةِ الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ الَّذِي هُوَ الْوَرَقُ الْخَالِي عَنْ الْكِتَابَةِ وَرَاجِحًا عِنْدَ ضَعْفِهَا وَقَرِينَةُ هَذَا الْمَجَازِ عَطْفُ السُّطُورِ عَلَى الطُّرُوسِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَوْ لَمْ يُرَدْ الْمَعْنَى الْمَجَازِيُّ لَمَا اُحْتِيجَ إلَى عَطْفِهَا لِدُخُولِهَا فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لَكِنْ لَا يَخْفَى ضَعْفُ هَذِهِ الْقَرِينَةِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْعَطْفُ لَا لِعَدَمِ دُخُولِهِمَا فِيمَا قَبْلَهَا بَلْ لِشَرَفِهَا لِدَلَالَتِهَا عَلَى اللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ.
وَأَمَّا تَرَتُّبُ جِنَاسِ الْقَلْبِ عَلَى الْحَمْلِ عَلَى الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ فَذَلِكَ لَا يَحْسُنُ قَرِينَةً عَلَى الْحَمْلِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا مِنْ فَوَائِدِ إرَادَةِ الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ لَا مِنْ قَرَائِنِهِ وَفُرِّقَ بَيْنَ فَائِدَةِ الشَّيْءِ بَعْدَ وُجُودِهِ بِشَرْطِهِ وَبَيْنَ قَرِينَتِهِ الدَّالَّةِ عَلَى وُجُودِهِ وَإِلَّا لَزِمَ صِحَّةُ الْحَمْلِ عَلَى الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ بِمُجَرَّدِ تَرَتُّبِ فَائِدَةٍ عَلَى إرَادَتِهِ لَا تَتَرَتَّبُ عَلَى الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ وَلَا يَقُولُ بِذَلِكَ عَاقِلٌ فَظَهَرَ أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ هُوَ الْمَعْنَى الظَّاهِرُ الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْعِبَارَةِ وَأَنَّ الْحَمْلَ عَلَيْهِ وَاجِبٌ أَوْ رَاجِحٌ غَيْرَ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ نُكْتَةٍ لِذَلِكَ الْعَطْفِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِمَا قَبْلَهُ فَبَيَّنَ الشَّارِحُ أَنَّ تِلْكَ النُّكْتَةَ هِيَ أَشَرَفِيَّةُ ذَلِكَ الْجُزْءِ لِكَوْنِهِ دَالًّا عَلَى اللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ فَهُوَ الدَّالُّ عَلَى الْمَقْصُودِ وَإِنْ كَانَ بِوَاسِطَةِ هَذَا خُلَاصَةُ كَلَامِهِ.
وَأَنَا أَقُولُ إنَّ قَوْلَ الْكَمَالِ حَمْلُهُ عَلَى ذَلِكَ قَصْدُ تَمَكُّنِ إلَخْ أَنَّ الْعِلَّةَ الْبَاعِثَةَ عَلَى الْحَمْلِ عَلَى الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ هِيَ قَصْدُ تَمَكُّنِ تَجْنِيسِ الْقَلْبِ أَيْ فَيَتَرَجَّحُ الْحَمْلُ عَلَى الْمَجَازِ لِهَذِهِ النُّكْتَةِ وَلَمْ يُرِدْ الْمَعْنَى الَّذِي حَمَلَ عَلَيْهِ سَمِّ كَلَامَهُ وَيَدُلُّ لَهُ زِيَادَةُ لَفْظِ تَمَكُّنٍ وَإِلَّا لَقَالَ لِتَحْصِيلِ فَإِنَّ الْجِنَاسَ حَاصِلٌ لَكِنْ تَمَكُّنُهُ إنَّمَا يَكُونُ بِحَمْلِ الصُّحُفِ عَلَى الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ لِيَقَعَ التَّغَايُرُ بَيْنَ الْمَعْطُوفَيْنِ فَيَحْصُلُ التَّمَكُّنُ الْمَذْكُورُ فَمَعْنَى كَلَامِ الْكَمَالِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ جَمَعَ بَيْنَ الطُّرُوسِ وَالسُّطُورِ مَعَ كَوْنِ السَّطْرِ جُزْءًا مِنْهَا لِتَحْقِيقِ جِنَاسِ الْقَلْبِ وَيَزْدَادُ هَذَا تَمَكُّنًا بِالْحَمْلِ عَلَى الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ.
وَأَمَّا دَعْوَى سَمِّ أَنَّ الْحَمْلَ عَلَى الْحَقِيقَةِ هُنَا رَاجِحٌ فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ لَهُ بَلْ الْحَمْلُ عَلَى الْمَجَازِ أَرْجَحُ لِتَحْصِيلِ هَذِهِ النُّكْتَةِ وَلِلسَّلَامَةِ مِنْ تَكَلُّفِ نُكْتَةٍ لِعَطْفِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ.
(قَوْلُهُ: لِعُيُونِ الْأَلْفَاظِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ حَالٌ أَوْ صِفَةٌ لِلطُّرُوسِ وَالسُّطُورِ أَوْ مُتَعَلِّقٌ بِقَامَتْ وَفِيهِ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ اسْتِعَارَةٌ إمَّا تَصْرِيحِيَّةٌ بِأَنْ اُسْتُعِيرَ لِمَعَانِي الْأَلْفَاظِ لَفْظُ الْعُيُونِ بِجَامِعِ الِاهْتِدَاءِ وَالْقَرِينَةُ إضَافَةُ الْعُيُونِ لِلْأَلْفَاظِ وَإِمَّا مَكْنِيَّةٌ بِتَشْبِيهِ الْأَلْفَاظِ بِذَوِي عُيُونٍ بَاصِرَةٍ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا بَعْضُ أَجْزَائِهِ أَشْرَفُ مِنْ بَعْضِهَا وَإِضَافَةُ الْعُيُونِ إلَيْهَا تَخْيِيلٌ وَالْبَيَاضُ وَالسَّوَادُ تَرْشِيحٌ عَلَى كُلٍّ وَالسُّطُورُ وَالطُّرُوسُ تَجْرِيدٌ عَلَى كُلٍّ، وَإِلَى عَلَاقَةِ التَّصْرِيحِيَّةِ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَيُهْتَدَى بِهَا كَمَا يُهْتَدَى بِالْعُيُونِ الْبَاصِرَةِ فَالْبَاصِرَةُ اسْمُ نَسَبٍ أَيْ ذَوَاتُ الْبَصَرِ وَإِلَّا لَقَالَ الْمُبْصِرَةُ.
(قَوْلُهُ: الَّتِي يَدُلُّ عَلَيْهَا بِاللَّفْظِ) تَوْجِيهُهُ لِإِضَافَتِهِ الْعُيُونَ إلَى الْأَلْفَاظِ وَالضَّمِيرِ أَنَّ فِي قَوْلِهِ وَيُهْتَدَى بِهَا وَقَوْلِهِ وَهِيَ الْعِلْمُ لِلْمَعَانِي وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ كَوُجُوبِ الصَّلَاةِ وَحُرْمَةِ الْخَمْرِ إلَخْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَبْعُوثُ بِهِ النَّبِيُّ الْكَرِيمُ بِخِلَافِ الْعِلْمِ بِمَعْنَى التَّصْدِيقِ وَالْإِدْرَاكِ.
(قَوْلُهُ: مَقَامَ بَيَاضِهَا إلَخْ) الْمَقَامُ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ الشَّارِحُ أَيْ مَقَامًا مِثْلَ مَقَامٍ فَحُذِفَ الْمَصْدَرُ وَأُقِيمَتْ صِفَتُهُ مَقَامَهُ ثُمَّ حُذِفَتْ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ وَإِنَّمَا شَبَّهَ قِيَامَ الطُّرُوسِ وَالسُّطُورِ بِمَعَانِي الْأَلْفَاظِ بِقِيَامِ بَيَاضِ الطُّرُوسِ وَالسُّطُورِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهُمَا وَحِفْظَهُمَا عَنْ الْعَدَمِ بِهِمَا لِكَوْنِهِمَا عَرْضَيْنِ قَائِمَيْنِ بِهِمَا

اسم الکتاب : حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع المؤلف : العطار، حسن    الجزء : 1  صفحة : 26
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست