responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع المؤلف : العطار، حسن    الجزء : 1  صفحة : 20
إنْسَانٌ أُوحِيَ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِتَبْلِيغِهِ فَإِنْ أُمِرَ بِذَلِكَ فَرَسُولٌ أَيْضًا أَوْ أُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يَكُونُ إلَّا لِلْمَاهِيَّةِ الْكُلِّيَّةِ إذْ الْوَاحِدُ بِالشَّخْصِ لَا يُعْرَفُ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ (قَوْلُهُ: إنْسَانٌ) عَبَّرَ بِهِ مُوَافَقَةً لِلْمَشْهُورِ فِي تَعْبِيرَاتِهِمْ فَهُوَ أَوْلَى وَلْيَشْمَلْ مَنْ اخْتَلَفَ فِي نُبُوَّتِهِ مِنْ الْإِنَاثِ فَإِنَّهُ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي نُبُوَّةِ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ مَرْيَمَ وَآسِيَةَ وَسَارَةَ وَهَاجَرَ وَقَدْ حَكَى وُقُوعَ هَذَا الْخِلَافِ الْعِزُّ بْنُ جَمَاعَةَ فِي شَرْحِ قَصِيدَةٍ يَقُولُ الْعَبْدُ فِي بَدْءِ الْأَمَالِي وَقَدْ ذَهَبَ الْأَشْعَرِيُّ إلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الذُّكُورَةِ فِي النُّبُوَّةِ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْكُورَانِيِّ وَالنَّبِيُّ ذَكَرٌ إلَخْ وَقَالَ وَقَوْلُنَا ذَكَرٌ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ إنْسَانٌ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى عَدَمِ اسْتِنْبَاءِ الْأُنْثَى مِنْ بَنِي آدَمَ عَلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مُذَكَّرِهِ وَمُؤَنَّثِهِ بِالتَّاءِ فَيُقَالُ فِي الذَّكَرِ إنْسَانٌ وَفِي الْأُنْثَى إنْسَانَةٌ اهـ. مُلَخَّصًا مِنْ سَمِّ.
وَلْيُتَأَمَّلْ هَذَا الْفَرْقُ فَإِنَّ إنْسَانَةً مُوَلَّدٌ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ
إنْسَانَةٌ فَتَّانَةٌ ... بَدْرُ الدُّجَى مِنْهَا خَجِلَ
مِنْ كَلَامِ الْمُوَلِّدِينَ فَلَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي اللُّغَةِ وَقَالَ مُحَشِّي شَرْحِ الْعَقَائِدِ الْعَضُدِيَّةِ أُخِذَ الْإِنْسَانُ جِنْسًا لِئَلَّا يَدْخُلَ الْمَلَكُ وَالْجِنُّ إذْ النَّبِيُّ لَا يَكُونُ إلَّا إنْسَانًا بِخِلَافِ الرَّسُولِ حَيْثُ جَوَّزُوا كَوْنَهُ مَلَكًا وَلِذَا قِيلَ بِالْعُمُومِ مِنْ وَجْهٍ بَيْنَهُمَا كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ حَيْثُ جَوَّزَ فِي قَوْله تَعَالَى {جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [فاطر: 1] كَوْنَ الْمَلَكِ الْمُبَلِّغِ رَسُولًا بِالْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ لَا بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَذَهَبَ التَّفْتَازَانِيُّ إلَى أَنَّ لِلرَّسُولِ مَعْنَيَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: مُسَاوٍ لِلنَّبِيِّ. وَالْآخَرُ: أَخَصُّ مُطْلَقًا. وَجُمْهُورُ الْمُعْتَزِلَةِ عَلَى أَنَّهُمَا مُتَسَاوِيَانِ اهـ.
ثُمَّ إنْ أُرِيدَ أُمَّةُ الْإِجَابَةِ فَالْمُرَادُ بِالْهِدَايَةِ الْإِيصَالُ بِالْفِعْلِ وَإِنْ أُرِيدَ أُمَّةُ الدَّعْوَةِ فَالْمُرَادُ الدَّلَالَةُ.
(قَوْلُهُ: أَوْحَى إلَيْهِ) قَالَ مُحَشِّي الْعَقَائِدِ الْعَضُدِيَّةِ الْوَحْيُ عِنْدَ أَهْلِ الشَّرْعِ يَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
الْأَوَّلُ: مَا حَصَلَ بِلِسَانِ الْمَلَكِ فَوَقَعَ فِي سَمْعِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْمُبَلِّغِ بِآيَةٍ قَاطِعَةٍ وَالْقُرْآنُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ.
وَالثَّانِي: مَا وَضَحَ بِإِشَارَةِ الْمَلَكِ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ بِالْكَلَامِ.
وَالثَّالِثُ: بِإِلْهَامِ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنْ أَرَاهُ بِنُورٍ مِنْ عِنْدِهِ.
وَاَلَّذِينَ يَرَوْنَ الِاجْتِهَادَ لِلْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ جَعَلُوهُ قِسْمًا رَابِعًا وَسَمَّوْهُ وَحْيًا خَفِيًّا وَالْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ وَحْيًا ظَاهِرًا فَالْوَحْيُ فِي التَّعْرِيفِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ الشَّامِلِ لِهَذِهِ الْأَقْسَامِ؛ لِأَنَّ مَا بَلَّغَهُ الْأَنْبِيَاءُ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إلَى الْخَلْقِ شَامِلٌ لِجَمِيعِهَا لَا أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمَا ثَبَتَ بِكَلَامِ الْمَلَكِ أَوْ بِإِشَارَتِهِ ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ التَّعْمِيمِ فِي الْوَحْيِ بِجَعْلِهِ شَامِلًا لِمَا أُوحِيَ لِلنَّبِيِّ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ إيحَائِهِ إلَى غَيْرِهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ تَعَالَى نَصَّ عَلَى أَنَّهُ أَوْحَى إلَى إسْمَاعِيلَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ} [النساء: 163] الْآيَةَ وَنَصَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ رَسُولًا لَا نَبِيًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولا نَبِيًّا} [مريم: 54] مَعَ أَنَّ أَوْلَادَ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانُوا عَلَى شَرِيعَةِ إبْرَاهِيمَ كَمَا فِي أَنْوَارِ التَّنْزِيلِ فَإِسْمَاعِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَبْعُوثٌ لِتَبْلِيغِ مَا أُوحِيَ إلَيْهِ مِنْ شَرِيعَةِ أَبِيهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا وَسَلَامُهُ وَكَذَا أَنْبِيَاءُ بَنِي إسْرَائِيلَ الْمَبْعُوثُونَ لِتَبْلِيغِ التَّوْرَاةِ بَعْدَ مُوسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مُوحًى إلَيْهِمْ بِذَلِكَ فَفِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ لِلْجَلَالِ السُّيُوطِيّ فِي قَوْله تَعَالَى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [البقرة: 246] الْآيَةَ أَنَّهُ يُوشَعُ وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ شَمَوْئِيلُ وَأَنَّهُ قَالَ دُعِيتُ اللَّيْلَةَ وَأُوحِيَ إلَيْهِ وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ شَمْعُونُ وَأَنَّهُ ظَهَرَ لَهُ جِبْرِيلُ وَقَالَ لَهُ اذْهَبْ إلَى قَوْمِك لِتُبَلِّغَهُمْ رِسَالَةَ رَبِّك فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَك فِيهِمْ نَبِيًّا.
وَعَنْ وَهْبٍ إنَّمَا كَانَتْ الْأَنْبِيَاءُ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ بَعْدَ مُوسَى الْمَبْعُوثُونَ إلَيْهِمْ لِتَجْدِيدِ مَا نَسُوا مِنْ التَّوْرَاةِ فَأَنْبِيَاءُ بَنِي إسْرَائِيلَ الْمَبْعُوثُونَ بِالتَّوْرَاةِ بَعْدَ مُوسَى - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - دَاخِلُونَ فِي التَّعْرِيفِ كَإِسْمَاعِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَلَا يَرِدُ عَلَى التَّعْرِيفِ عَدَمُ شُمُولِهِ لِمَنْ يَدْعُو إلَى تَقْرِيرِ شَرْعِ مَنْ قَبْلَهُ كَأَنْبِيَاءِ بَنِي إسْرَائِيلَ الَّذِينَ كَانُوا بَيْنَ مُوسَى وَعِيسَى - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَكَذَلِكَ لَا يُشْكِلُ كَثْرَةُ الرُّسُلِ مَعَ قِلَّةِ الْكُتُبِ وَالصُّحُفِ الْمُنَزَّلَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمْ وَظَهَرَ لَك مِنْهُ صِحَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ فَإِنْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ فَرَسُولٌ أَيْضًا إذْ مَعْنَاهُ صَادِقٌ بِأَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً أَوْ يَكُونَ نُزِّلَ عَلَى مَنْ قَبْلَهُ وَدَعَا هُوَ إلَيْهِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: أَوْ أُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ) أَيْ إنْسَانٌ أُوحِيَ إلَيْهِ بِشَرْعٍ

اسم الکتاب : حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع المؤلف : العطار، حسن    الجزء : 1  صفحة : 20
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست