اسم الکتاب : تاريخ التشريع الإسلامي المؤلف : القطان، مناع بن خليل الجزء : 1 صفحة : 354
صلى الله عليه وسلم، فإن قول الصحابي إذا لم يعلم له مخالف، يكون حجة، وقد ضمن الموطأ العديد من أقوال الصحابة والتابعين، فالصحابة أعلم بالتأويل، وأعرف بالمقاصد، لأنهم حضروا التنزيل، وسمعوا كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقولهم أولى بالآخذ يخص به العام ويترك لأجله القياس.
ولكن مالكًا يقدم عمل أهل المدينة على قول الصحابي؛ فقد روى في الموطأن أن عمر بن الخطاب "قرأ سجدة وهو على المنبر يوم الجمعة فنزل وسجد فسجد الناس معه، ثم قرأها يوم الجمعة الأخرى فتهيأ الناس للسجود، فقال: على رسلكم، إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء؛ فلم يسجد، ومنعهم أن يسجدوا".
فعمر يجيز للإمام إذا شاء أن ينزل من على المنبر إذا قرأ السجدة ليسجد، ويعلق مالك عليه بقوله: "ليس العمل على أن ينزل الإمام إذا قرأ السجدة على المنبر فيسجد"، وحين تتعدد أقوال الصحابة في المسألة الواحدة فإن مالكا يختار منها ما يتفق مع عمل أهل المدينة يروى أن زيد بن ثابت قال: "الصلاة الوسطى صلاة الظهر" وإن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عباس كانا يقولان: الصلاة الوسطى: صلاة الصبح: ثم يقول مالك: "وقول علي وابن عباس أحب ما سمعت إلى في ذلك" ... كما رى عن عدد من الصحابة أن الصلاة الوسطى صلاة العصر.
5- المصالح المرسلة:
والعمل بالمصالح المرسلة أساس من الأسس التي اعتمد عليها مالك في مذهبه، وهي: جلب منفعة، أو دفع مضرة لم يشهد لها الشرع بإبطال ولا باعتبار معين؛ لأن تكاليف الشريعة ترجع إلى حفظ مقاصدها في الخلق، ضرورية كانت أم خارجية، أم تحسينية، والضرورية، هي التي لا بد منها في قيام مصالح الدين والدنيا في الضروريات الخمس الثابتة في الملل جميعا وهي: حفظ الدين والنفس والنسل والمال والعقل.
والحاجية: هي التي تؤدي إلى رفع الضيق، والحرج، والمشقة، والتحسينية هي المتعلقة بمكارم الأخلاق، وكون هذه المعاني مقصودة عرف بأدلة كثيرة لا حصر لها من الكتاب والسنة، مما يدل على مقاصد الشرع؛ ولذا ذهب مالك إلى أن هذه المصلحة تكون حجة.
اسم الکتاب : تاريخ التشريع الإسلامي المؤلف : القطان، مناع بن خليل الجزء : 1 صفحة : 354