الفصل الثالث في تعريف المناسب
المناسب في اللغة الملائم أي الموافق لأفعال العقلاء في العادات، كما يقال: هذه الؤلؤة مناسبة لهذه الؤلؤة بمعنى أن جمعها في سلك موافق لعادات العقلاء في ضم الشيء إلى ما يماثله[1].
وأما في الاصطلاح فقد اختلف الأصوليون في تعريفه، فعرفوه بتعريفات نذكرها فيما يلي:
التعريف الأول: لأبي زيد الدبوسي، وهو "ما لو عرض على العقول لتلقته بالقبول"[2].
وهذا التعريف قد اعترض عليه الآمدي بعد أن اعترف بأنه موافق للوضع اللغوي، حيث قال: "وما ذكره وإن كان موافقاً للوضع اللغوي، حيث يقال: هذا الشيء مناسب لهذا الشيء، أي ملائم له، غير أن تفسير المناسب بهذا المعنى وإن أمكن أن يتحققه الناظر مع نفسه، فلا طريق إلى المُناظِر في إثباته على خصمه، في مقام النظر، لإمكان أن يقول الخصم: هذا مما لم يتلقه قلبي بالقبول، فلا يكون مناسباً بالنسبة إلي، وإن تلقاه عقل غيري بالقبول، فإنه ليس الاحتجاج عليّ بتلقي عقل غيري له بالقبول أولى من الاحتجاج على غيري بعدم تلقي عقلي بالقبول"[3].
ومقتضى هذا أن أبا زيد يرى أن المناسب بهذا التعريف حجة للناظر في نفسه، لأنه لا يكابر عقله، لكونه مأخوذاً بما يغلب على ظنه، لا للمُناظر لعدم إمكان إثبات عليته في مقام المناظرة[4]. [1] انظر: المحلى مع حاشية العطار 2/318، البحر المحيط 3/150 خ. [2] انظر: التقرير والتحبير 3/159، الأحكام للآمدي 3/248. [3] انظر: الأحكام في أصول الأحكام للآمدي 3/248. [4] التقرير والتحبير 3/160، وكشف الأسرار 3/353.