اسم الکتاب : النقص من النص حقيقته وحكمه وأثر ذلك في الاحتجاج بالسنة الآحادية المؤلف : عمر بن عبد العزيز بن عثمان الجزء : 1 صفحة : 13
الكلام[1]، ولا يخل بالمعنى لأنه أحد قسمي الإيجاز[2]. والإيجاز فن من فنون البلاغة. ففي الأمثلة التي مرت نرى أن النقص أتى بفوائد كانت تنتفي لو قدر للنقص أن ينتفي.
ففي قول القائل: (نيل خير نائل) تتزاحم احتمالات الفوائد من التوقير بعدم استرذاله، أو التحقير بصون اللسان عنه، أو ادعاء تعينه، أو غير ذلك من كونه معروفا لا يحتاج إلى الذكر، أو مجهولا لا يمكن ذكره[3].
وفي قول القائل: "زيد" جوابا للمستفهم بـ (من قرأ؟) يتضمن نقص الفعل وحذفه فائدة الاختصار لأن الفعل (قرأ) قد دلت الجملة المستفهم بها عليه فعرف، وعندئذ يكون ذكره لمعرفته قد وجدت فائدته دونه فاقتضى فائدة الاختصار حذفه.
وفي (يكرم) حذفت الهمزة للتخفيف. لأن من حروف المضارعة الهمزة، فعندما يعبر المتكلم وحده عن إكرامه في الحال أو المستقبل يقول ... لو لم تحذف الهمزة: "أؤكرم فتجتمع همزتان، إحداهما حرف المضارعة والثانية من صيغة الفعل، فيثقل على اللسان النطق به. فحذفت الهمزة الثانية وحذفت تلك الهمزة مع بقية حروف المضارعة طردا للباب - كما يقولون - ولتتحد صيغة المضارع في باب الأفعال في المتكلم والمخاطب والغائب4
وفي موضوع النقص من النص يقصد بالنقص: النقص الذي يكون في المعاني مدلولات الألفاظ.
النص: مصدر نص ينص من باب نصر.
1-البلاغة لغة: التمام والوصول والانتهاء. واصطلاحا: المطابقة لمقتضى الحال. والمناسبة بت المعنيين أن المطابقة تفضي إلى الوصول إلى المطلوب عند البلغاء فبلاغة الكلام هو: "مطابقته لمقتضى الحال مع فصاحته" وتتأتى هذه المطابقة بأن يعتبر مع الكلام الذي يؤدي به المراد خصوصية ما، كالتأكيد مثلا عندما يكون المخاطب منكِرا لمقتضى الكلام الذي يوجه إليه، إذ حاله عندئذ يستدعى التأكيد، فيكون اعتباره مطابقة لمقتضى هذا الحال، على عكس الخالي عن الإنكار لخلو ذهنه عن مضمون الكلام الموجه إليه حيث يكون بلاغة الكلام معه بخلوه من التأكيد. انظر: مختار الصحاح (63) ومختصر المعاني (11 وا 2-22) وشرح عقود الجمان (6) .
2- الإيجاز: مصدر أوجز يوجز، وهو لغة: الإِقصار، من الوجازة وهي القصر. وفي الاصطلاح: "أداء المقصود من الكلام بأقل من عبارات متعارف الأوساط ". وأبرز ما مثل به البلاغيون قوله تعالى: {ولكم في القصاص حياة} حيث تضمن هذا اللفظ الوجيز معاني كثيرة يحتاج أداؤها في متعارف الأوساط إلى عبارات كثيرة انظر: المصباح المنير (2/648) ومفتاح العلوم (493) وحلية اللب المصون (100) .
3-راجع: منحة الجليل (1/ 499) ومعجم البلاغة (1/ 190) .
4-انظر: شرح الشافية للجاربردي (1/58) .
اسم الکتاب : النقص من النص حقيقته وحكمه وأثر ذلك في الاحتجاج بالسنة الآحادية المؤلف : عمر بن عبد العزيز بن عثمان الجزء : 1 صفحة : 13