النهي للتحريم إلا لصارف:
قال الكلوذاني في "التمهيد" ([1]/ 362): (النهي يقتضي التحريم خلافا لمن قال يقتضي التنزيه بمطلقه وخلافا للأشعرية في قولهم يقتضي الوقف.
لنا أن الصحابة رضي الله عنهم عقلوا من النهي الكف عن الفعل والترك، فروى عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: "كنا نخابر [1] أربعين سنة لا نرى بذلك بأسا حتى أخبرنا رافع بن خديج أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك فتركناها" [2]؛ ولأن السيد إذا نهى عبده عن فعل الشيء فخالفه عاقبه، ولم يلم في عقوبته، فلو لم يكن النهي يقتضي التحريم والمنع لما استحق به العقوبة ... ).
قد يخرج النهي عن التحريم إلى معان أخرى لدليل:
سبق في باب الأمر وأن ذكرنا أن الأمر المطلق للوجوب إلا لصارف، والأمر كما هو هنا فالنهي الأصل أنه للتحريم إلا لدليل، وقد ترد بعض الأدلة التي تبين أن النهي لـ ([3]):
كراهة: نحو قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يمس أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول).
وتحقير: نحو قوله تعالى: (لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ) [الحجر: 88]. [1] - المخابرة: أصلها من الخبر، وهي الأرض الزراعية، وفُسِّر قوله: (عن المخابرة) أن يؤجر الأرض بجزء مما يخرج منها. والمخابرة لها شروط وأحكام مستوفاه في كتب الفروع. [2] - رواه مسلم بنحوه. [3] - انظر شرح الكوكب المنير (3/ 78).
اسم الکتاب : المعتصر من شرح مختصر الأصول من علم الأصول المؤلف : المنياوي، أبو المنذر الجزء : 1 صفحة : 88