ثانياً: دلالة العام:
عَرَّفنا العامّ فيما سلف بأنه: (كلمة تستغرق الصالح لها بلا حصر) ، كما عرفنا أيضاً الدلالة بأنها تعني، فهم المعنى من اللفظ متى أطلق.
وهنا نقول: لا خلاف بين العلماء في قطعية دلالة العام الذي اقترن به ما يدل على العموم قطعاً، كقوله تعالى: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا} [1]، والعموم في هذه الآية الكريمة جاء من أن (دابة) نكرة في سياق النفي، والنكرة المنفية من صيغ العموم - كما تقدم - فتعم كل دابة، وأما القرينة الدالة على أن الآية عامة قطعاً فهي أن تجويز التخصيص فيها يؤدي إلى وجود شريك مع الله تعالى يرزق بعض الدواب، وهذا محال؛ بل إن اعتقاد ذلك يؤدي بصاحبه إلى الكفر والعياذ بالله.
وكذا لا خلاف بين جمهور العلماء أن العام إذا خص[2] منه بعض [1] سورة هود آية: 6. [2] التخصيص: لغة التمييز والقصر: واصطلاحاً له عدة تعاريف نقتصر على اثنين منها، الأول: التخصيص قصر العام على بعض أفراده بدليل مستقل مقارن للعام في نزوله إن كان قرآناً، أو في وردوه إن كان سنة مساوٍ للعام في قوته ثبوتاً ودلالة، وهذا التعريف قال به جمهور الحنفية. المنار ص: 228، والمناهج الأصولية ص: 288.
الثاني: التخصيص عند الجمهور: بيان أن ما تناله اللفظ العام بطريق الوضع، غير مراد للشارع، وإنما المراد بعض مدلول العام اللغوي أو هو: قصر العام على بعض أفراده، بدليل المنهاج 2/75، وأصول الفقه للخضري ص: 216، وبيان النصوص لبدران ص: 148.