وقد اتفق الفقهاء في جميع المذاهب على حمل المطلق على المقيد ههنا[1]، فلا يحرم إلا ما كان مسفوحاً، دون ما بقي في العروق واللحم من الدم الذي لا يمكن التحرز عنه.
ونسب إلى بعض الطوائف الخلاف في جواز تقييد الكتاب بالكتاب[2]، مستدلين على ذلك بقوله - تعالى -: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [3]، حيث فوض سبحانه وتعالى بيان ما أنزل إلى رسوله، فيجب أن لا يحصل البيان إلا بقوله صلى الله عليه وسلم[4].
ورد هذا الدليل من وجهين:
الأول: أن إضافة البيان إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ليس فيه ما يمنع من كونه مبيناً للكتاب بالكتاب، إذ الكل وارد على لسانه، فذكر الآية المقيدة بيان منه ويجب حمل وصفه بالبيان على أن البيان وارد على لسانه سواء كان الوارد على لسانه متلوا وهو الكتاب أو غير متلو وهو السنة، فالكل وحي من عند الله تعالى[5]. [1] أصول التشريع الإسلامي للأستاذ حسب الله ص: 182. [2] بعض الظاهرية الأحكام 2/318، وإرشاد الفحول ص: 157. [3] سورة النحل آية: 44. [4] شرح تنقيح الفصول ص: 202، وشح الكوكب المنير ص: 205، وإرشاد الفحول ص: 157. [5] المعتمد لأبي الحسين 1/274، والأحكام للآمدي 2/319، والأحكام لابن حزم 1/73.