مقيدات المطلق فلم يكتف بالإحالة كما فعل غيره، فخص بعض المقيدات بالذكر، ومن هؤلاء الأنصاري في غاية الوصول حيث ذكر أن ما يخص به العام يقيد به المطلق، وما لا يخص العام لا يقيد به المطلق، وعلل ذلك بأن المطلق عام من حيث المعنى، ثم فرع على هاتين القاعدتين فقال: "يجوز تقييد الكتاب به وبالسنة والسنة بها وبالكتاب، ويجوز تقييدهما بالقياس، والمفهومين، وفعل الرسول وتقريره بخلاف مذهب الراوي وذكر بعض جزئيات المطلق على الأصح في غير مفهوم الموافقة"[1].
وذكر البناني في حاشيته على شرح المحلى وجمع الجوامع مثل ما ذكره الأنصاري، وكذلك صاحب الكوكب المنير[2].
وهذا يعني أن الكلام على مقيدات المطلق وأحكام التقييد والتمثيل لها فيه شيء من الصعوبة، لقلة من كتبوا فيه بالتفصيل، وبناء على إرشادات الأصوليين الآنفة الذكر، فإن منهجي في بحث مقيدات المطلق يعتمد على الرجوع إلى ما كتبه الأصوليون في مخصصات العام، واعتبار ذلك في مقيدات المطلق، وحيث تكون الحاجة ماسة إلى ذكر أقوال [1] المرجع السابق.
وقوله: (في غير مفهوم الموافقة) ، يعني أن مفهوم الموافقة جرى الاتفاق على حكم التقييد به، وإن اختلف في تسميته كما سبق حيث يرى الحنفية أنه من قبيل دلالة النص، ويرى الجمهور أن ذلك (قياس جلي) أو مفهوم موافقة. [2] شرح الكوكب المنير للفتوحي ص: 216.