المقيد على المطلق، فإنه لو جهل تاريخ كل من النص المطلق والمقيد لثبت التعارض بينهما، فدل ذلك على أنه عند معرفة التاريخ يكون المتأخر منهما ناسخاً للمتقدم[1].
والجواب عن هذا الدليل أن يقال:
التعارض له معنيان: عام، وخاص، فأي المعنيين تريدون؟ فإن كان مرادكم بالتعارض معناه العام الذي هو مطلق وجود التنافي بين الدليلين فهذا مسلّم به، ولكنه لا يوجب القول بالنسخ؛ لأن الجمع بين المطلق والمقيد ممكن، ومع إمكان الجمع بين المتعارضين لا يعدل عنه إلى القول بالنسخ؛ لأن العمل بالأدلة ولو من وجه أولى من العمل ببعضها وإهمال بعضها الآخر.
وإن كنتم تعنون بالتعارض معناه الخاص، وهو وجود التناقض والتضاد بين الأدلة، بحيث لا يمكن الجمع بينها فهذا غير موجود في الشريعة، وعلى فرض وجوده فمن شرطه تساوي الدليلين في الدلالة والثبوت، وقد مر بنا أن دلالة المطلق على الأفراد الشائعة مثل دلالة العام، فهي محل خلاف بين الأصوليين، فلا تعارض دلالة المقيد التي هي محل وفاق بينهم.
ومن هنا لم يتحقق في المطلق والمقيد شرط المعارضة الخاصة التي [1] أصول السرخسي ص: 84.