أنهم لا يعنون به أن المقيد يراد به المطلق، إذ لو عنوا به ذلك لأدى قولهم إلى إلغاء القيد، وهو ممتنع[1]، بل يريدون أن سببية المقيد منتزعة من سببية المطلق، لأن المطلق سبب حقيقة، والمقيد مشتمل على السبب الحقيقي، لكون المطلق جزءاً من المقيد كما سبق فسببية المقيد جاءت من اشتماله على السب الحقيقي وهو المطلق، وإطلاق السبب على ما هو مشتمل علي السبب الحقيقي شائع، وفي ذلك يقول صاحب مسلم الثبوت: "فالحق أن يحمل ههنا المقيد على المطلق، لا بمعنى أن المراد منه ذلك، بل بمعنى أن المقيد سبب؛ لأن المطلق سبب وبينهما بون".
ثم قال شارح المسلم معللاً لذلك: إن الأول "يعني حمل المقيد على المطلق بمعنى أنه يراد منه المطلق من قبيل المجاز، وهو ذكر المقيد وإرادة المطلق، بخلاف الحمل بالمعنى الثاني، فإنه حقيقة إلا أن الحكم على المقيد لاشتماله على المطلق، ثم قال الشارح: إن ذلك كلام وجيه، ويمكن حمل كلام الحنفية عليه، فإن إطلاق السبب على ما هو مشتمل على السبب شائع، كما يقال: هذه الدعامة سبب لبقاء السقف وبناء على هذا التوجيه، فلا يكون في المسألة إلا مذهبان لأن ما ادعاه بعض أصحاب الأصول مذهباً ثالثاً هو في الحقيقة يلتقي مع مذهب الحنفية في إبقاء المطلق [1] مسلم الثبوت 1/367.