فإن الإطلاق والتقييد عندئذ يكونان قد وردا على شيء واحد، والشيء الواحد لا يجوز أن يكون مطلقاً ومقيداً في آن واحد، للتنافي بينهما.
ودفعاً لهذا التنافي الظاهري يحمل المطلق على المقيد.
ب - وأما الحنفية: فقد استدلوا على عدم حمل المطلق على المقيد هنا بأدلة منها:
1 - إن التقييد والإطلاق وردا في سبب الحكم فأحد النصين جعل مؤونة الرأس مطلقاً، سواء كان مؤمناً أو كافراً سبباً لوجوب صدقة الفطر، والنص الآخر جعل السبب مؤونة الرأس المسلم فيكون الإطلاق والتقييد قد دخلا على السبب، ولا مزاحمة في الأسباب؛ لجواز أن يكون للحكم الواحد عدة أسباب على سبيل البدل عند المانعين من تعدد العلة أو على سبيل الاجتماع عند القائلين بتجزئتها.
مثال ذلك: ملك المال، فإنه شيء واحد وله عدة أسباب يثبت بكل منها على سبيل البدل كالإرث والهبة، والبيع والشراء، وإذا انتفت المزاحمة بين المطلق والمقيد وجب العمل بكل منهما على مقتضاه[1]، وقد اعترض هذا الدليل بأن المنافاة بين سببية المطلق والمقيد متصورة؛ لأن معنى كون كل منهما سبباً أن يكون سبباً تاماً في وجوب صدقة الفطر، وتمامية [1] أصول السرخسي 1/269، وكشف الأسرار 2/295.