والجواب عن هذه الشبهة من وجهين:
أولاً: أن القول بأن المقيد يفيد الاستحباب خارج محل النزاع، لأن محل الحمل كما سبق إنما يكون إذا كان الحكم الوجوب، ولو سلم دخول الحكم المستحب في باب محل حمل المطلق على المقيد لكان إثبات الوجوب بالمقيد أولى؛ لأنه أقوى في دلالته على الوجوب من المطلق، والحكم الواجب آكد من الحكم المستحب، فإثباته بالدليل الأقوى أولى للتناسب بين الحكم ودليله[1].
وثانياً: إن وجوب المقيد كما ينافي الجواز المستفاد من المطلق عند صاحب هذا الرأي ينافي التخيير الذي يرى حمل المطلق عليه؛ لأن معنى التخيير أن المكلف لو أتى بالمطلق أجزأه ذلك، ومعنى وجوب المقيد أن المكلف لو فعل غير المقيد لا يكون فعله مجزئاً لانتفاء شرط التقييد فيه، أضف إلى ذلك أن المخالف ينكر مشروعية المطلق، ويقول: إن المراد به المقيد ابتداء. فليس الإطلاق مراداً أصلاً عند الجمهور حتى يصح التمسك به.
الدليل الثاني:
قالوا: لو حمل المقيد على المطلق هنا لترتب على ذلك إلغاء القيد المنصوص عليه وإسقاطه بالكلية، وفي حمل المطلق على المقيد يبقى المطلق [1] الأحكام في أصول الأحكام للآمدي 3/4، والعدة في الأصول لأبي يعلى 2/647.