البزدوي: "وعندنا لا يحمل مطلق على مقيد أبداً": يعني لا في حادثتين ولا في حادثة واحدة بعد أن يكونا حكمين، ولا تلتفت إلى ما توهمه البعض أن المراد في نفي الحمل بالكلية، وإن كان القيد والإطلاق في حكم واحد وحادثة واحدة، فإن ذلك مخالف للروايات أجمع، ثم قال: وذكر في الأسرار فإن قيل: إنك لا تحمل المطلق على المقيد. قلنا: نعم، إذا كانا غيرين حكمين أو شرطين أو علتين، فأما الواحد إذا ثبت بوصف فدونه لا يكون ثابتاً لا محالة ضرورة[1].
وبهذا يتبين أن الحنفية يقولون بحمل المطلق على المقيد في هذه الحال كبقية العلماء، فلا خلاف إذاً في حمل المطلق على المقيد في حال اتحاد الحكم والسبب وجريان الإطلاق والتقييد في الحكم.
وإن وقع خلاف عند تطبيق الفروع على القاعدة، فذلك راجع إلى وجود سبب خارج عن أصل القاعدة، كتخلف شرط من شروط الحمل عند أحد الفريقين، أو وجود مانع يمنع من حمل المطلق على المقيد، وذلك غير قادح في أصل القاعدة، ومع أن حمل المطلق على المقيد في هذه الحال متفق عليه بين العلماء، إلا أنهم ذكروا لذلك أدلة تؤيد أن المطلق هو الذي يحمل على المقيد دون العكس[2]. [1] كشف الأسرار 2/289. [2] نشير هنا إلى أن من العلماء من يحمل المقيد على المطلق، وذلك بأن يلغي القيد، وقد نسب هذا الرأي الأستاذ محمد سلام مدكور إلى صاحب طلعة الشمس.
انظر: أصول الفقه لمحمد سلام مدكور ص: 210.