responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المدخل إلى دراسة المذاهب الفقهية المؤلف : علي جمعة    الجزء : 1  صفحة : 101
الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس، في الأخذ بها، واستنباط الأحكام منها -:
فلا سبيل له إلى ذلك؛ لأن هذه الأدلة مُستَنَد كل إمام، ومَرجُع كل مجتهد في أخذ الأحكام منها، فلا يتصور أن واحدًا منهم يخالف الآخر في شيء منها، أو أن واحدًا منهم يعد مُقَلِّدا الآخر في موافقته له في ذلك، بل كل مسلِم مُكَلَّف قادر على أخذ الحكم منها يتعين عليه ذلك شرعًا، وإن لم يكن مجتهدًا، وإن كان مراده أنهم يقلدون
أبا حنيفة في قوله: " إن قول الصحابي، ومُرسَل الأحاديث مما يحتج به، وإن
الاستصحاب، والمصالح المرسلة لا يحتج بها "، فهذا ليس من التقليد في شيء، بل هذا من قبيل موافقة رأي المجتهد لرأي مجتهد آخر، فموافقة رأيهم لرأي الإمام لقيام الحجة عندهم على ذلك كما قامت عليه عنده -: لا يعد تقليدًا.
ألا ترى أن مالكًا قائل بحجية الأحاديث المرسلة، والشافعي قائل بعدم حجية
المصالح المرسلة، ولم يكن واحدا منهم مُقَلِّدًا لأبي حنيفة فيما وافقه؟.
ألا ترى أن الجميع اتفقوا على أن كلا من: الإجماع، وخبر الآحاد، والقياس
حجة، ولم يعد ذلك تقليدًا من البعض للبعض الآخر؟ ولو كان موافقة مجتهد لمجتهد آخر في حكم تقليدًا لاقتضى إجماع المجتهدين على حكم أن يكون كل واحد منهم مُقَلِّدًا للآخر فيه، فلا يكون إجماعًا من المجتهدين، والمفروض أنه إجماع منهم.
وقد نقل عن أبي بكر القفال، وأبي علي بن خيران، والقاضي حسين من الشافعية أنهم كانوا يقولون: " لسنا مُقَلِّدين للشافعي، بل وافق رأينا رأيه ".
وهذا هو الظاهر أيضًا من حال الإمام أبي جعفر الطحاوي في أخذه بمذهب أبي
حنيفة، واحتجاجه له، وانتصاره لأقواله، حيث قال في أول كتاب شرح الآثار:
"أذكر في كل كتاب ما فيه الناسخ والمنسوخ، وتأويل العلماء، واحتجاج بعضهم على بعض، وإقامة الحجة لمن صح عندي قوله منهم، ريثما يصح فيه مثله من: كتاب، أو سنة، أو إجماع، أو تواتر من أقاويل الصحابة، أو تابعيهم رضي اللَّه عنهم أجمعين ".
وأما قول ابن كمال باشا في الخصاف، والطحاوي، والكرخي: " أنهم لا يقدرون على مخالفة أبي حنيفة، لا في الأصول، ولا في الفروع "، فليس بصحيح، بل هو مخالف للواقع، فإن ما خالفوا فيه أبا حنيفة من الأحكام لا يعد، ولا يحصى، ولهم اختيارات في الأصول والفروع، وأقوال مستنبطة، احتجوا عليها بالمنقول والمعقول، كما لا يخفى على من تتبع كتب الفقه، خصوصًا الخلافيات.

اسم الکتاب : المدخل إلى دراسة المذاهب الفقهية المؤلف : علي جمعة    الجزء : 1  صفحة : 101
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست