اسم الکتاب : اللمع في أصول الفقه المؤلف : الشيرازي، أبو إسحاق الجزء : 1 صفحة : 61
وهو البقاء على حكم الأصل وذلك إنما يوجب العمل به عند عدم الشرع فإذا وجد الشرع بطلت دلالته فلا يجوز النسخ به.
باب ما يعرف به الناسخ من المنسوخ
واعلم أن النسخ قد يعلم بصريح النطق كقوله عز وجل: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ} [1] وقد يعلم بالإجماع وهو أن تجمع الأمة على خلاف ما ورد من الخبر فيستدل بذلك على أنه منسوخ لأن الأمة لا تجتمع على الخطأ، وقد يعلم بتأخير أحد اللفظين عن الآخر مع التعارض وذلك مثل ما روي أنه قال: "الثيب بالثيب جلد مائة والرجم" ثم روي أنه رجم ماعزا ولم يجلده فدل على أن الجلد منسوخ.
فصل
ويعلم التأخير في الأخبار بالنطق كقوله صلى الله عليه وسلم: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها" ويعلم بأخبار الصحابة أن هذا نزل بعد هذا وورد هذا بعد هذا، كما روي أنه كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم: ترك الوضوء مما مست النار. فأما إذا كان راوي أحد الخبرين أقدم صحبة والآخر أحدث صحبة كابن مسعود وابن عباس لم يجز نسخ خبر الأقدم بخبر الأحدث، لأنهما عاشا إلى أن مات رسول الله صلى الله عليه وسلم فيجوز أن يكون الأقدم سمع ما رواه بعد سماع الأحدث، ولأنه يجوز أن يكون الأحدث أرسله عمن قدمت صحبته ولا تكون روايته متأخرة عن رواية الأقدم فلا يجوز النسخ مع الاحتمال. وأما إذا كان راوي أحد الخبرين أسلم بعد موت الآخر أو بعد قصته مثل ما روى طلق بن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن مس الذكر وهو يبني مسجد المدينة فلم يوجب منه الوضوء وروى أبو هريرة إيجاب الوضوء وهو أسلم عام حنين بعد بناء المسجد، فيحتمل أن ينسخ حديث طلق بحديثه لأن الظاهر أنه لم يسمع ما رواه إلا بعد [1] سورة الأنفال الآية: 66.
اسم الکتاب : اللمع في أصول الفقه المؤلف : الشيرازي، أبو إسحاق الجزء : 1 صفحة : 61