responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القواعد المؤلف : ابن رجب الحنبلي    الجزء : 1  صفحة : 352
فَإِنْ سَبَقَ مَنْ أَخْطَأَتْهُ الْقُرْعَةُ فَزَوَّجَ فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.

(وَمِنْهَا) لَوْ زَوَّجَ وَلِيَّانِ مِنْ اثْنَيْنِ وَجُهِلَ أَسْبَقُ الْعَقْدَيْنِ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَمِينُ الْأَسْبَقِ بِالْقُرْعَةِ، فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ فَهِيَ زَوْجَتُهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ عَقْدٍ وَلَا يَحْتَاج الْآخَرُ إلَى طَلَاقٍ هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ وَابْنِ مَنْصُورٍ وَقَدْ ذَكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ فِي هَذَا الْوَجْهِ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ [وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ] وَالْخِلَافِ وَالرِّوَايَتَيْنِ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمَا: أَنَّ الْآخَرَ يُؤْمَرُ بِالطَّلَاقِ كَمَا يُطَلِّقُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ. وَفِيهِ ضَعْفٌ ; فَإِنَّ هَذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ لَهُ نِكَاحٌ مُنْعَقِدٌ بِخِلَافِ النَّاكِحِ نِكَاحًا فَاسِدًا، وَأَيْضًا فَمُجَرَّدُ طَلَاقِهِ بِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ نِكَاحُهُ هُوَ السَّابِقَ لَا يُفِيدُ حِلَّ الْمَرْأَةِ لِلْآخَرِ، فَلِهَذَا قَالَ طَائِفَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: يُجَدِّدُ الَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ النِّكَاحَ لِتَحِلَّ لَهُ بِيَقِينٍ.
وَقَدْ حَكَى ذَلِكَ الْقَاضِي فِي كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ النَّجَّادِ ثُمَّ رَدَّهُ بِأَنَّهُ لَا يَبْقَى حِينَئِذٍ مَعْنَى لِلْقُرْعَةِ فَإِنَّهُ إذَا أَمَرَ أَحَدُهُمَا بِالطَّلَاقِ وَأَمَرَ الْقَارِعَ بِتَجْدِيدِ النِّكَاحِ فَقَدْ خَلَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِيَّتِهِمَا مَعًا، فَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ مَنْ شَاءَتْ مِنْهُمَا وَمِنْ غَيْرِهِمَا. وَلَا فَائِدَةَ حِينَئِذٍ لِلْقُرْعَةِ. وَهَذَا بِعَيْنِهِ قَوْلُ مِنْ يَقُولُ بِفَسْخِ نِكَاحِهِمَا كَمَا سَيَأْتِي. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا ذَكَرُوهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ فَرْقٌ وَلَا لِلْقُرْعَةِ فَائِدَةٌ، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى رِوَايَةِ الْقُرْعَةِ أَنْ يُقَالَ: هِيَ زَوْجَةُ الْقَارِعِ بِحَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا وَسُكْنَاهَا، وَلَوْ مَاتَ وَرِثَتْهُ، لَكِنْ لَا يَطَؤُهَا حَتَّى يُجَدِّدَ الْعَقْدَ فَيَكُونَ تَجْدِيدُ الْعَقْدِ يُحِلُّ الْوَطْءَ فَقَطْ.
وَلَعَلَّ هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، أَوْ يُقَالُ: أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِالزَّوْجِيَّةِ إلَّا بِالتَّجْدِيدِ وَيَكُونُ التَّجْدِيدُ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَعَلَيْهَا كَمَا كَانَ الطَّلَاقُ وَاجِبًا عَلَى الْآخَرِ، قَالَ: وَلَيْسَ فِي كَلَامِ أَحْمَدَ تَعَرُّضٌ لِطَلَاقٍ وَلَا لِتَجْدِيدِ الْآخَرِ النِّكَاحَ فَإِنَّ الْقُرْعَةَ جَعَلَهَا الشَّارِعُ حُجَّةً وَبَيِّنَةً تُفِيدُ الْحِلَّ ظَاهِرًا كَالشَّهَادَةِ وَالنُّكُولِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يُوقَفُ مَعَهُ عَلَى حَقِيقَةِ الْأَمْرِ فِي الْبَاطِنِ. وَالْمَجْهُولُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ بِهِ الْعِبَادُ بَلْ هُوَ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ كَالْمَعْدُومِ مَا دَامَ مَجْهُولًا، وَنَظِيرُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فِي الْقُرْعَةِ أَنَّ الْمَشْهُورَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ مَنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْ زَوْجَاتِهِ ثُمَّ أُنْسِيهَا فَإِنَّهَا تُعَيَّنُ بِالْقُرْعَةِ وَيَحِلُّ لَهُ وَطْءُ الْبَوَاقِي فَكَذَلِكَ هَاهُنَا يُمَيَّزُ النِّكَاحُ الصَّحِيحُ مِنْ الْبَاطِلِ بِالْقُرْعَةِ وَيُفِيدُ حِلَّ الْوَطْءِ وَلَا يُقَالُ هُنَاكَ: الْأَصْلُ فِيمَنْ لَمْ يَخْرُجْ عَلَيْهَا الْقُرْعَةُ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَلَمْ يَتَيَقَّنْ وُقُوعَ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا، وَهُنَا الْأَصْلُ عَدَمُ انْعِقَادِ النِّكَاحِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا يُبَاحُ الْوَطْءُ بِدُونِ تَيَقُّنِ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ لِأَنَّا نَقُولُ: الِاسْتِصْحَابُ بَطَلَ بِيَقِينِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُحَرِّمِ.
وَلِهَذَا أَبْطَلَ أَصْحَابُنَا الِاسْتِصْحَابَ فِي مَسْأَلَةِ اشْتِبَاهِ الْمَاءِ الطَّاهِرِ بِالنَّجِسِ وَمَنَعُوا اسْتِعْمَالَ أَحَدِهِمْ بِالتَّحَرِّي لِأَنَّ الِاسْتِصْحَابَ زَالَ حُكْمُهُ بِيَقِينِ التَّنَجُّسِ. وَحِينَئِذٍ تَتَّفِقُ الصُّورَتَانِ ; لِأَنَّ فِي إحْدَاهُمَا اشْتَبَهَتْ الزَّوْجَةُ بِالْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا وَفِي الْأُخْرَى اشْتَبَهَ الزَّوْجُ بِغَيْرِهِ وَكَوْنِ أَحَدِهِمَا لَهُ أَصْلًا فِي الْحِلِّ دُونَ الْآخَرِ لَا أَثَرَ

اسم الکتاب : القواعد المؤلف : ابن رجب الحنبلي    الجزء : 1  صفحة : 352
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست