responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القواعد المؤلف : ابن رجب الحنبلي    الجزء : 1  صفحة : 305
فَإِنْ قُلْنَا مُوجِبُهُ أَحَدَ شَيْئَيْنِ ثَبَتَتْ الدِّيَةُ وَإِلَّا لَمْ يَثْبُتْ شَيْءٌ بِدُونِ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَهِيَ طَرِيقَةُ أَبِي الْخَطَّابِ وَابْنِ عَقِيلٍ وَذَكَرهَا الْقَاضِي أَيْضًا فِي الْمُضَارَبَةِ، فَيَكُونُ الْقَوَدُ بَاقِيًا بِحَالِهِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِإِسْقَاطِهِ إلَّا بِعِوَضٍ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ.

وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَعْفُوَ عَنْ الْقِصَاصِ وَلَا يَذْكُرَ مَالًا، فَإِنْ قُلْنَا مُوجِبُهُ الْقِصَاصُ عَيْنًا فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ قُلْنَا أَحَدَ شَيْئَيْنِ ثَبَتَ الْمَالُ وَخَرَّجَ ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّهُ إذَا عُفِيَ عَنْ الْقَوَدِ سَقَطَ وَلَا شَيْءَ بِكُلِّ حَالٍ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ ; لِأَنَّهُ بِعَفْوِهِ عَنْهُ تَعَيَّنَ الْوَاجِبُ فِيهِ بِتَصَرُّفِهِ فِيهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ ثُمَّ طَلَّقَ إحْدَاهُنَّ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ الِاخْتِيَارُ فِيهَا وَهَذَا ضَعِيفٌ فَإِنَّ إسْقَاطَ الْقَوَدِ تَرْكٌ لَهُ وَإِعْرَاضٌ عَنْهُ وَعُدُولٌ إلَى غَيْرِهِ وَلَيْسَ اخْتِيَارًا لَهُ وَلِهَذَا يَمْلِكُ الْعَفْوَ عَنْ الْقَوَدِ وَالْمَالِ جَمِيعًا وَلَيْسَ لَهُ اخْتِيَارُهُمَا جَمِيعًا بِخِلَافِ الزَّوْجَاتِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ طَلَاقَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ عَلَى الْمَشْهُورِ.

الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَعْفُوَ عَنْ الْقَوَدِ إلَى غَيْرِ مَالٍ مُصَرِّحًا بِذَلِكَ فَإِنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ الْقِصَاصُ عَيْنًا فَلَا مَالَ لَهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَقَوْلُهُ هَذَا لَغْوٌ، وَإِنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ أَحَدَ شَيْئَيْنِ سَقَطَ الْقِصَاصُ وَالْمَالُ جَمِيعًا، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ تَبَرَّعَ لَهُ كَالْمُفْلِسِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمَرِيضِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَالْوَرَثَةِ مَعَ اسْتِغْرَاقِ الدُّيُونِ لِلتَّرِكَةِ فَوَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا لَا يَسْقُطُ الْمَالُ بِإِسْقَاطِهِمْ وَهُوَ الْمَشْهُورُ ; لِأَنَّ الْمَالَ وَجَبَ بِالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ وَلَا يُمْكِنُهُمْ إسْقَاطُهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَالْعَفْوِ عَنْ دِيَةِ الْخَطَأِ.
الثَّانِي: يَسْقُطُ فِي الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الْمَالَ لَا يَتَعَيَّنُ بِدُونِ اخْتِيَارِهِ لَهُ أَوْ إسْقَاطِ الْقِصَاصِ وَحْدَهُ وَأَمَّا إسْقَاطُهُمَا فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ مُتَّصِلٍ سَقَطَا جَمِيعًا مِنْ غَيْرِ دُخُولِ الْمَالِ فِي مِلْكِهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ اخْتِيَارًا مِنْهُ. نَقُولُ لِتَرْكِ التَّمَلُّكِ فَلَا يَدْخُلُ الْمَالُ فِي مِلْكِهِ، إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَهَلْ يَكُونُ الْعَفْوُ تَفْوِيتًا [لِلْمَالِ إنْ قُلْنَا إنَّ الْوَاجِبَ الْقَوَدُ عَيْنًا لَمْ يَكُنْ الْعَفْوُ تَفْوِيتًا لِلْمَالِ] فَلَا يُوجِبُ ضَمَانًا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَكَلَامُ أَبِي الْخَطَّابِ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الضَّمَانِ وَصَرَّحَ فِي الْكَافِي بِأَنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ كَمَا لَوْ اقْتَصَّ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَإِنَّ عِنْدَهُ فِي الضَّمَانِ وَجْهَيْنِ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ ضَعْفِ ذَلِكَ وَمُخَالَفَتِهِ لِظَاهِرِ تَعْلِيلِ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ.
وَكَذَلِكَ فِي التَّلْخِيصِ أَنَّ فِي الضَّمَانِ هَاهُنَا وَجْهَيْنِ وَصَحَّحَ عَدَمَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الضَّمَانِ إذَا اقْتَصَّ خِلَافًا، وَفَرَّقَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ بَيْنَ الضَّمَانِ بِالِاقْتِصَاصِ وَعَدَمِ الضَّمَانِ بِالْعَفْوِ بِأَنَّهُ إذَا اقْتَصَّ فَقَدْ اسْتَوْفَى بَدَلَ الْمَالِ فَلِذَلِكَ لَزِمَهُ الضَّمَانُ بِخِلَافِ مَا إذَا عَفَى فَإِنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ لَهُ بَدَلًا بَلْ فَاتَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا، وَلِهَذَا لَوْ أَبَرَّ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْغَرِيمَ مِنْ حَقِّهِ بَرِئَ وَلَمْ يَلْزَمْ الضَّمَانُ لِشَرِيكِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَوْفَى حَقَّهُ أَوْ بَدَلَهُ فَإِنَّهُ لِشَرِيكِهِ نَصِيبُهُ مِنْهُ، وَإِنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ أَحَدَ شَيْئَيْنِ فَعُفِيَ مَجَّانًا فَفِي الْكَافِي هُوَ كَالْعَفْوِ عَنْ الْمَالِ فَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ كَانَ وَاهِيًا فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:

اسم الکتاب : القواعد المؤلف : ابن رجب الحنبلي    الجزء : 1  صفحة : 305
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست