responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القواعد المؤلف : ابن رجب الحنبلي    الجزء : 1  صفحة : 293
الِاصْطِيَادِ بِالْكَلْبِ وَإِرْسَالِهِ مِنْ الْحَرَمِ إلَى الْحِلِّ.
قَالَ فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ مَتَى كَانَ أَحَدُهُمَا فِي الْحِلِّ وَالْآخَرُ فِي الْحَرَمِ فَلَا ضَمَانَ وَلَا يَصِحُّ لِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ النَّصَّ فِي الْكَلْبِ، وَالْكَلْبُ لَهُ فِعْلٌ اخْتِيَارِيٌّ، فَإِذَا أَرْسَلَهُ فِي الْحَرَمِ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ وَكَّلَ عَبْدَهُ فِي الْحَرَمِ فِي شِرَاءِ صَيْدٍ مِنْ الْحِلِّ وَذَبَحَهُ فِيهِ. وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَرْسَلَ سَهْمَهُ ; لِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَى فِعْلِهِ، وَلِهَذَا فَرَّقَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ بَيْنَ أَنْ يُرْسِلَ سَهْمَهُ مِنْ الْحِلِّ إلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ فَيَدْخُلُ الْحَرَمَ فَيُقْتَلُ فِيهِ فَيَضْمَنُهُ، وَبَيْنَ أَنْ يُرْسِلَ الْكَلْبَ فَلَا يَضْمَنُ ; لِأَنَّ دُخُولَ الْكَلْبِ إلَى الْحَرَمِ بِاخْتِيَارِهِ، وَدُخُولَ السَّهْمِ لِفِعْلِ الرَّامِي، وَلِهَذَا لَوْ أَصَابَ سَهْمٌ آدَمِيًّا لَضَمِنَهُ، وَلَوْ أَصَابَ الْكَلْبُ آدَمِيًّا لَمْ يَضْمَنْهُ، وَإِلَى هَذَا التَّفْرِيقِ أَشَارَ ابْنُ أَبِي مُوسَى حَيْثُ ضَمِنَ فِي الرَّمْيِ السَّهْمُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَلَمْ يَضْمَنْ فِي صَيْدِ الْكَلْبِ إذَا أَرْسَلَهُ فِي الْحِلِّ فَصَادَ فِي الْحَرَمِ، إلَّا أَنْ يُرْسِلَهُ بِقُرْبِ الْحَرَمِ، وَأَمَّا إنْ أَرْسَلَهُ فِي الْحَرَمِ فَصَادَ فِي الْحِلِّ فَحَكَى فِيهِ رِوَايَتَيْنِ قَالَ: وَالْأَظْهَرُ عَنْهُ أَنَّهُ لَا جَزَاءَ فِيهِ، وَلَكِنَّ الْقَاضِي إنَّمَا صَرَّحَ بِالْخِلَافِ فِي الْكَلْبِ، وَأَبُو الْخَطَّابِ هُوَ الَّذِي طَرَدَ الْخِلَافَ فِي السَّهْمِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ هَذَا النَّصَّ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ الضَّمَانِ فِيمَا إذَا أَرْسَلَ سَهْمَهُ مِنْ الْحَرَمِ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ ; لِأَنَّ صَيْدَ الْحِلِّ غَيْرُ مَعْصُومٍ فَلَا يَصِحُّ إلْحَاقُ صَيْدِ الْحَرَمِ بِهِ، وَقَدْ فَرَّقَ طَوَائِفُ مِنْ الْأَصْحَابِ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ فَمِنْهُمْ مَنْ جَزَمَ بِنَفْيِ الضَّمَانِ فِيمَا إذَا أَرْسَلَ سَهْمَهُ مِنْ الْحَرَمِ إلَى الْحِلِّ، وَبِالضَّمَانِ فِي الْعَكْسِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ حَكَاهُ فِيهِمَا، وَهُوَ فِي الْمُبْهِجِ لِلشِّيرَازِيِّ.
وَمِنْهُمْ مَنْ حَكَى الْخِلَافَ فِيهِمَا، وَصَحَّحَ الْفَرْقَ وَهُوَ صَاحِبُ الْمُغْنِي، وَمِنْهُمْ مَنْ حَكَى الْخِلَافَ فِيمَا إذَا أَرْسَلَ سَهْمَهُ مِنْ الْحَرَمِ إلَى الْحِلِّ وَلَمْ يُحْكَ الْخِلَافُ فِي ضَمَانٍ عَكْسِهِ وَهُوَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ، وَأَخْذُ نَفْيِ الضَّمَانِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ الْمَذْكُورَةِ، وَالضَّمَانُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ أَيْضًا عَنْ أَحْمَدَ فِيمَنْ قَتَلَ صَيْدًا عَلَى غُصْنٍ فِي الْحِلِّ أَصْلُهُ فِي الْحَرَمِ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ.
وَفِي أَخْذ الضَّمَانِ مِنْ هَذَا نَظَرٌ، فَإِنَّ الْغُصْنَ تَابِعٌ لِمَحِلٍّ مَعْصُومٍ وَهُوَ أَصْلُ الشَّجَرَةِ الَّذِي فِي الْحَرَمِ فَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْحَرَمِ بِخِلَافِ الْحِلِّ، وَلِهَذَا لَمْ يُفَرِّقْ أَحْمَدُ بَيْنَ قَتْلِهِ مِنْ الْحِلِّ أَوْ مِنْ الْحَرَمِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْغُصْنِ عِنْدَهُ حُكْمُ الْحَرَمِ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ عَنْهُ أَيْضًا وَذَكَرَ لَهُ قَوْلَ سُفْيَانَ فِي شَجَرَةٍ أَصْلُهَا فِي الْحِلِّ الْغُصْنُ عِنْدَهُ حُكْمُ الْحَرَمِ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ عَنْهُ أَيْضًا وَذَكَرَ لَهُ قَوْلَ سُفْيَانَ فِي شَجَرَةٍ كَانَ فِي الْحَرَمِ فَلَا يَرْمِ، قَالَ أَحْمَدُ: مَا أَحْسَنَ مَا قَالَ،.
فَجَعَلَ الْقَاضِي هَذِهِ رِوَايَةً ثَانِيَةً مُخَالِفَةً لِلْأُولَى، وَحَكَى فِي الصَّيْدِ الَّذِي عَلَى غُصْنٍ فِي الْحِلِّ أَصْلُهُ فِي الْحَرَمِ رِوَايَتَيْنِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ أَحْمَدَ ضَمِنَ الصَّيْدَ فِي الْأُولَى إلْحَاقًا لِلْفَرْعِ بِأَصْلِهِ فِي الْحُرْمَةِ، وَلَمْ يَضْمَنْ فِي الثَّانِيَة إلْحَاقًا لِلْفَرْعِ بِأَصْلِهِ فِي عَدَمِ الْحُرْمَةِ، وَإِنَّمَا ضَمِنَ مَا كَانَ عَلَى الْغُصْنِ تَابِعًا لِقَرَارِهِ مِنْ الْأَرْضِ دُونَ أَصْلِهِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِنَصِّ أَحْمَدَ.

وَمِنْهَا: هَلْ الِاعْتِبَارُ بِحَالِ الصَّيْدِ بِأَهْلِيَّةِ الرَّامِي وَسَائِرِ الشُّرُوطِ حَالَ الرَّمْيِ أَوْ الْإِصَابَةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ:

اسم الکتاب : القواعد المؤلف : ابن رجب الحنبلي    الجزء : 1  صفحة : 293
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست