responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي المؤلف : الحجوي    الجزء : 1  صفحة : 415
قلت: وقد طبع بمصر سنة "1326" هذا المسند الذي جمعه أبو المؤيد من خمسة عشر مسندًا, فكان في نحو "800" صحيفة كبيرة. وبهذا الاختلاف الواقع في مسند هذا الإمام الجليل تعلم فضل الموطأ، وتعلم أن ما يقال: إن أبا حنيفة لم يصح عنده, أو لم يُبْنَ مذهبه إلّا على سبعة عشرة حديثًا قول باطل، فقد وقفت في الفتوحات الإلهية لمولانا السلطان المقدسي, سيدي محمد بن عبد الله العلوي[1] فيما انتقاه من مسانيد الأئمة الأربعة على ترجمة الأحاديث التي انفرد بها أبو حنيفة, فكانت "مائتين وخمسة عشر حديثًا" دون ما اشترك في إخراجه هو مع بقية الأئمة، ولقد وقفت على مسنده الذي من رواية الحصفكي[1], فوجدته في باب الصلاة وحدها روى "مائة وثمانية عشر" حديثًا, وفي بقية الأبواب كثير.
ولد أبو حنيفة سنة "80" ثمانين, وتوفي سنة "150" خمسين ومائة ببغداد -رحمه الله، وسبب موته أن المنصور العباسي ضربه وسجنه امتحانًا له ليتولى القضاء؛ لأنه كان في زمن سقوط الدولة الأموية وثورة الشيعة وظهور بني العباس, فكانوا يمتحنون من يظنون أنه ليس من شيعتهم من العلماء باسم ولاية القضاء وغيرها، كما امتحن مالك والشافعي وابن حنبل، فما من واحد من الأئمة الأربعة إلّا امتُحِنَ وسجن -رحمهم الله[3].

[1] ترجم له المؤلف في القسم الرابع.
2 هو موسى بن زكريا صدر الدين: الجواهر المضية "[2]/ 185".
[3] الإمام أبو حنيفة النعمان: تاريخ بغداد "13/ 323-423"، والانتقاء لابن عبد البر "122-171"، والجواهر المضية "[1]/ 26"، وخلاصة الخزرجي "402"، والبداية والنهاية "10/ 107"، وتذكرة الحفاظ للذهبي "[1]/ 151"، وميزان الاعتدال "4/ 265"، تهذيب التهذيب "10/ 107"، والنجوم الزاهرة "[2]/ 12"، وقد ألف الحافظ الذهبي جزءًا مفردًا في مناقبه, نشرته لجنة المعارف النعمانية بحيدر أباد, وطبع بمصر، وألف الموفق المكي كتابًا كبير في جزئين, وطبع بحيدر أباد سنة 1321هـ، وألف البزار الكردري كذلك في مناقبه, وطبع مع كتاب المكي، وألف الحافظ السيوطي كتابه تبييض الصحيفة بمناقب أبي حنيفة، وطبع بحيدر أباد سنة 1317هـ، وهناك كتب أخرى مخطوطة، انظر بروكلمان "[3]/ 236".
ثناء الناس عليه:
قال الشافعي: الناس عالة في الفقه على أبي حنيفة، وقال النضر بن شميل: كان الناس نيامًا عن الفقه حتى أيقظهم أبو حنيفة بما فتَّقَه وبينه, وقال ابن المبارك[1]: ما رأيت في الفقه مثل أبي حنيفة, وما رأيت أورع منه، وقال مكي[2]: أعلم أهل زمانه, وقال القطان[3]: ما سمعنا أحسن من رأي أبي حنيفة.
وأما زهده وورعه وطول صلاته وصيامه فمعلوم، انظر شرح المشكاة, وكتاب العلم من الإحياء، وذكر الخطيب في تاريخه له مناقب كثيرة يطول سردها, ثم أعقبها بذكر ما كان الأليف تركه؛ إذ مثل هذا الإمام لا يشك في دينه وورعه وتحفظه، وكان يعاب بقلة العربية، فمن ذلك ما روي أن أبا عمرو بن العلاء سأله عن القتل المثقل, فقال: لا قود فيه. فقال أبو عمرو: ولو قتله بحجر المنجنيق؟ فقال أبو حنيفة: ولو قتله بأبا قبيس, يعني: الجبل الذي بمكة، وقد اعتذروا عن أبي حنيفة بأنها لغة في الأسماء الخمسة، ابن مالك: وقصرها من نقصهن أشهر. انظر ابن خلكان.

[1] عبد الله.
[2] ابن إبراهيم.
[3] يحيى بن سعيد.
اسم الکتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي المؤلف : الحجوي    الجزء : 1  صفحة : 415
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست