responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي المؤلف : الحجوي    الجزء : 1  صفحة : 385
مسعود كان يذم الرأي كثيرًا. ونقل في فتح الباري أنه كان ينكر القياس، كما اخذ إبراهيم بفتاوي علي وأحكامه مدة خلافته بالكوفة، وأبي موسى الأشعري، وسعد بن أبي وقاص، وقضايا شريح، إذ كان يستشير فيها عمر، وعثمان, فعمل إبراهيم في آثار هؤلاء مثل ما عمل سعيد في آثار أهل المدينة، وخرَّج على فقههم بالقياس والاستنباط فيما لم ينصو فيه، واتخذ قضاياهم أصلًا له, فكان سعيد بن المسيب لسان فقهاء المدينة والمخطط لبنائهم، وكان إبراهيم لسان العراقيين والمؤسس لمذهبهم, فإذا اختلفت أقوال الصحابة والتابعين فالمختار عند كل عالم مذهب أهل بلده وشيوخه؛ لأنه أعرف بالصحيح من أقاويلهم من السقيم, وقبله أميل إلى فضلهم وأوعى للأصول المناسبة لها.

هل أحكام الشرع معقول المعنى
...
هل أحكام الشرع معقولة المعني:
كان إبراهيم النخعي يرى أن أحكام الشرع معقولة المعنى، مشتملة على مصالح, راجعة إلى الأمة، وأنها بُنِيَت على أصول محكمة, وعلل ضابطة لتلك الحكم فُهِمَت من الكتاب والسنة، وشرعت الأحكام لأجلها لينتظم بها أمر الحياة، فكان يجتهد في معرفتها ليدير الحكم لأجلها حيث درات، وإن العقل يمكن أن يدركها ويدرك حسنها وقبح ضدها؛ لأن الشرع أرشد إليها, لا أن العقل له استقلال في ذلك كما يقول المعتزلة, وإنما المراد أن العقل يدرك حُسْنَ الحَسَن وقبح القبيح، فيمدح على الأول ويذم على الثاني, لا أنه يستقل بإدراك الثواب على الأول والعقاب على الثاني، فإن الثواب والعقاب إنما يعرف من قِبَلِ الشرع، فأحكام الله لها غايات, أي: حِكَمٌ ومصالح راجعة إلينا.
يدل لذلك القرآن، قال الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [1], وقال: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [2]، وقال: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [3] إلى غير هذا، وهاتان مسألتان مبينتان في

[1] البقرة: 220.
[2] البقرة: 219.
[3] البقرة: 185.
اسم الکتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي المؤلف : الحجوي    الجزء : 1  صفحة : 385
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست