اسم الکتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي المؤلف : الحجوي الجزء : 1 صفحة : 238
فنزلت الآية بوفقه، وهو الذي قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم: إنه يدخل عليك البر والفاجر, فلو أمرت نساءك أن يحتجبن, فنزلت آية الحجاب, فهو السب في الحجاب في الإسلام.
وهو الذي قال: اللهم بيِّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا. فنزل تحريمه.
وهو الذي أشار بقتل أسارى بدر، وخالفه غيره, فنزل القرآن بتصويب رأيه، وكم لذلك من نظير.
وترجمة هذا السيد الجليل والخليفة الأعظم لا تفي بها هذه النتفة فلها أسفار، فسيدنا عمر كما له الفضل على الأمة سياسة، وفتحًا وعدلًا، واستقامة، وقيامًا بنشر الدين، والنفوذ الإسلامي، والعلم، والأمن، والتهذيب، وتنظيم دولة الإسلام العظمى في الأقطار الشاسعة, وضبط إدارتها التي استعار جلها عن دولة الفرس التي محقها برأيه وتدبيره وسيفه ودهائه، وما كان ليانف من اقتباس إدارة بلاده عن أمة أبادها سيفه لسعة فكره, وما كان ليجعل سياسته محض التقليد الجامد, وقصر كل شيء على الدين، ولو لم يكن من الدين, بل كان ينظر مصلحة الدنيا والدين معًا، فلقد أشار عليه الوليد بن هشام بأن يدون الدواوين وينظَّم جنده على نسق ما كان عند الروم في الشام، ففعل ولم يستنكف أن يأخذ ذلك عنهم، ولا جمد على أنه بدعة، بل نظر مصلحة الإسلام، وهكذا فعل في ضرب الخراج، كما يأتي في اجتهاده، وغير ذلك مما يطول من محاسنه.
كذلك خدم الأمة بفكرة ورأيه وعلمه وصحيح إدراكه واجتهاد في أحكام أصاب فيها روح الترشيع الإسلامي, وعين المصلحة العامة التي جاءت الشريعة بحفظها, ويأتي بعض فروع من اجتهاده تبين لك ذلك، ولو أن عمر فسح له في الأجل واطَّلع على تنظيم أصول الشورى، ومجلس النواب، الذي كان عند أمة الرومان قبله, ونظام ديموقراطيتهم لنظَّم الإسلام على ذلك النمط، ولو أنه أتيح له ذلك ما كان يتأتى لأمة أن يبقى في المعمور إلا وانتظمت في جامعته، لكن روم الشام ومصر الذين استولى عليهم كانت الشورى ذهبت منهم، ولم تكن كتب
اسم الکتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي المؤلف : الحجوي الجزء : 1 صفحة : 238