اسم الکتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي المؤلف : الحجوي الجزء : 1 صفحة : 228
القضاة والحكام على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم:
روى الطبراني برجال الصحيح عن مسروق[1] قال: كان أصحاب القضاء من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ستة: عمر، وعلي، وعبد الله بن مسعود، وأُبَيّ ابن كعب، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري[2].
وروى أحمد والترمذي وعبد بن حميد وأبو يعلى وابن حبان, أن عثمان قال لابن عمر -رضي الله عنهم: اقض بين رجلين فإن أباك كان يقضي. فقال: إن أبي كان يقضي فإن أشكِلَ عليه شيء سأل النبي -صلى الله عليه وسلم, فإن أشكِلَ على النبي -صلى الله عليه وسلم- شيء سأل جبريل، وأنا لا أجد من أسأل ولست مثل أبي[3].
قال الشامي[4] في سيرته: يريد أنه كان يقضي في بعض الأمور في أوقات مختلفات, لا أنه كان يقضي دائمًا، والدليل على ذلك حديث ابن عمر -رضي الله عنهما: ما اتخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قاضيًا ولا أبو بكر ولا عمر، حتى كان في آخر زمانه قال ليزيد بن أخت نمير: اكفني بعض الأمور، رواه أبو يعلى, ورجاله رجال الصحيح[5]، وروى الطبراني بسند جيد عن السائب بن يزيد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يتخذ قاضيًا, وأول[6] من استقضى عمر. قال: رد عني الناس في الدرهم [1] مسروق بن الأجدع الهمداني أبو عائشة الكوفي، أحد التابعين، روى عن أبي بكر وعمر وعلي ومعاذ، ت سنة 63 هـ "خلاصة الخزرجي" "374". [2] مجمع الزوائد "9/ 313". [3] هذا حديث يزيد بن عبد العزيز بن موهب، وليس هذا لفظه، تصرّف المصنف في لفظه، انظر الترمذي "3/ 603"، ومسند أحمد "1/ رقم 475"، ومجمع الزوائد "4/ 193، 5/ 200"، والترغيب والترهيب "3/ 282". [4] محمد بن يوسف الصالحي: انظر ص135. [5] مجمع الزوائد "4/ 196". [6] قال المؤلف -رحمه الله: سيأتي أن أبا بكر استقضى عمر, فكان أول قاض في الإسلام بعده -عليه السلام، والسبب في تولي النبي -صلى الله عليه وسلم- القضاء بنفسه ظاهر، وهو أن العدل أساس العمران، ولا ارتقاء ولا رجاء لتأليف أمة وتعاضده وتكوين وحدتها إلّا بالعدل والأمن على الحقوق, لهذا كان -عليه السلام- يتولى القضاء بنفسه تأليفًا لهم وتدريبًا على إقامة العدل والاجتهاد، وتنبيهًا لهم أن يكونوا قوَّامين بالقسط, وأن يلي قضاءهم من يكون أفضلهم وأنزههم وأعلمهم, ولما أضاع المسلمون ما أرشد إليه الرسول تأخروا وانحطت جامعتهم.
اسم الکتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي المؤلف : الحجوي الجزء : 1 صفحة : 228