اسم الکتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي المؤلف : الحجوي الجزء : 1 صفحة : 208
فنزلت هذه الآية {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [1]، وفي صحيح مسلم[2] أيضًا, أن العرب كانت تطوف عراة إلا الحمس[1] وهم قريش، إلا أن يعطيهم الحمس ثيابًا, فيعطي الرجال الرجال والنساء النساء. وزاد غيره. ومن لم يكن له صديق بمكة يعير له ثوبًا طاف عريانًا أو ثيابه, وألقاها بعد فلا يمسها أحد، فلما بعث الله رسول الله وأنزل عليه: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} ، أذَّن مؤذن رسول الله ألا لا يحج بعد العام مشرك, ولا يطوف بالبيت عريان، كان النداء بمكة سنة تسع، قاله أبو حيان[3].
أما النبي -صلى الله عليه وسلم- فكان الستر واجبًا عليه من أول المبعث, وما رُئِيَ قط عريان منذ كان ينقل حجارة الكعبة عند بنائها وعمره خمس وثلاثون سنة, عصمه الله من ذلك، والجمهور على أن قوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} ، وهو ستر العورة في الصلاة والطواف معًا بدليل: {كُلِّ مَسْجِدٍ} وليس والطواف إلّا في مسجد واحد، وأن اللفظ وإن كان خاصًّا لكنه عام في الستر مطلقًا, فلا يجوز للمسلم أن يكشف عورته إلّا لزوجته أو أمته, ويكره لهما النظر لعورته إلّا لضرورة, بل لا ينبغي له الكشف منفردًا, ولا النظر في عورة نفسه إلّا بقدر الضرورة، هذا من أجمل الآداب الاجتماعية التي فرَّط فيها المسلمون وهي من شرعهم، فترى نساء البوادي عاريات, ورجال كثير من الحواضر لا يبالون بكشف العورة في الحمامات. [1] الأعراف: 31. [2] مسلم في الحج "4/ 43". [3] قال المؤلف -رحمه الله: الحمس -بفتح الحاء المهملة وسكون الميم آخره سين مهملة. [3] محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حبان الغرناطي الجباني الأندلسي النفزي أثير الدين أبو حيان النحوي صاحب البحر المحيط. ت سنة 745 هـ "الدرر الكامنة" "5/ 70".
اسم الکتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي المؤلف : الحجوي الجزء : 1 صفحة : 208