responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي المؤلف : الحجوي    الجزء : 1  صفحة : 195
العقل، وقال: تواتر الخبر أنها كانت مباحة على الإطلاق ولو غيبت العقول، ويدل لما قلنا الآيتان الآتيتان قريبًا، وأسباب نزولهما.
الثانية: قوله تعالى: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [1] نزلت في عمر وحمزة ومعاذ بن جبل, قالوا: يا رسول الله, أفتنا في الخمر والميسر, فإنههما مذهبتان لعقولنا، متْلِفَتَان لأموالنا, فنزلت، فتركها قوم تحريًّا عن الإثم، وشربها آخرون للمنافع، ولا شك أن من تركها قدَّم درأ المفاسد على جلب المصالح، ومن شربها وقف مع ظاهر التخيير الذي لا جزم فيه بالمنع، ولعله كان لم ينزل قوله: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ} [2] وإلا فوجود الإثم الكبير كان في فهم التحريم.
الثالثة: قوله تعالى: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [3] نزلت في عليّ بن أبي طالب، دعاه وعبد الرحمن بن عوف رجل من الأنصار، فسقاهما قبل أن تحرَّم الخمر، فأمهم عليّ في المغرب فقرأ: قل يا أيها الكافرون, فخلط، فنزلت: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} الآية. رواه أبو داود[4], فحرم تناولها في أوقات الصلوات, فتركها قوم عند وقت الصلاة خاصة، وقوفًا مع الظاهر، وتركها قوم مطلقًا أخذًا بسد الذرائع.
الرابعة: هي الآية السابقة: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} الآية، وسبب نزولها: أن سعد بن أبي وقاص أضافه[5] عتبان بن مالك في جماعة؛ فأكلوا وشربوها فثملوا وانتشوا وتناشدوا الشعر, ففخر عليهم سعد, فخيّر المهاجرين على الأنصار, فضربه رجل منهم فشجَّه في أنفه, فأنزل الله: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} الآية. رواه مسلم بمعناه في المناقب[6], وزاد غيره فقال عمر: اللهم بيَّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا، فنزلت: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} الآية بالتحريم بتاتًا، فأراقوها فلي أزقَّة المدينة، وكسروا أوانيها[7]، فهذا من الأحكام التي نزلت تدريجًا كما سبق.

[1] البقرة: 219.
[2] الأعراف: 33.
[3] النساء: 43.
[4] أبو داود "3/ 325".
[5] قال المؤلف -رحمه الله: عتبان -بكسر العين وتضم- صاحبي جليل من الأنصار.
[6] مسلم "7/ 125".
[7] روى الزيادة أبو داود في الأشربة "3/ 325"، والترمذي في تفسير سورة المائدة "5/ 253".
اسم الکتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي المؤلف : الحجوي    الجزء : 1  صفحة : 195
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست