اسم الکتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي المؤلف : الحجوي الجزء : 1 صفحة : 193
الإسلام في الآفاق، وانتشر الدين، وانكشفت للعرب حقائق مبادئه العالية، فقبلوها, فدخلوا في الدين أفواجًا، لزوال حاجز الحرب وضغط قريش، فحصل الإسلام من الحروب السابقة على حرية الظهور والتبليغ والانتشار, وأمنوا على الحرية القولية والفكرية، بل انتشرت الدعوة إلى ما وراء بلاد العرب، فقد بعث -صلى الله عليه وسلم- رسله وكتبه إلى الملوك المجاورين كالمقوقس ملك مصر، بل إلى أعظم ملوك الأرض إذ ذاك؛ كسرى ملك فارس، وهرقل عظيم الروم, في هذه السنة.
أحكام المحصر، جزاء الصيد وصيد المحرم:
في السنة السادسة أيضًا خرج -عليه السلام- معتمرًا ثم تحلَّل لما أحصر عن البيت, وبيَّن لهم أنه تكون العمرة العام القابل كما وقع في عقد الصلح بالحديبية, التنصيص عليه, قال تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [1]، وهل المحصر هو من منعه العدو أو من منعه المرض؟ وهل من منع بأحدهما يتعيّن عليه قضاء أو هدي أو لا يجب شيء؟ في المسألة خلافٌ ينظر في كتب الخلافيات، ومذهب مالك في ذلك أوسع المذاهب.
في السنة السادسة أيضًا نزل قوله تعالى: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} [2].
والجمهور على أن المخطيء كالعامد في ذلك, وفيها تحريم صيد المحرم أو ما صيد له أيضًا، قال تعالى في سورة المائدة التي هي آخر ما نزل من السور: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [3]. [1] البقرة: 196. [2] المائدة: 95. [3] المائدة: 96.
اسم الکتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي المؤلف : الحجوي الجزء : 1 صفحة : 193