اسم الکتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي المؤلف : الحجوي الجزء : 1 صفحة : 178
صلاة العيدين، زكاة الفطر، التضحية:
في السنة الثانية أيضًا شرعت صلاة العيدين وصلاها بهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمصلى، وفي أبي داود والترمذي والنسائي، وابن حبان بإسناد صحيح عن أنس: قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة ولها يومان يلعبون فيهما, قال: " أبدلكم الله تعالى بهما خيرًا منهما يوم الفطر والأضحى" [1].
في السنة الثانية أيضًا شرعت زكاة الفطر على الأبدان, وهي صاع من أغلب قوت البلد أو شعير أو غيرهما، يأخذه الفقير، ينبسط به ذلك اليوم ويستريح من العناء, ويشارك إخوانه في الاحتفال والفرح والشكر، قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى، وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [2]، قيل: هي زكاة الفطر، والمشهور أن هذه الآية مكية، وأن زكاة الفطر لم تجب إلّا في هذه السنة بالسنة.
شرعت في السنة الثانية أيضًا, ففيها كان أول أضحى شهده المسلمون, خرج -عليه السلام- للمصلى فصلى ثم خطب ثم ضحى بكبشين أملحين أقرنين, فسمَّى وكبَّر ووضع رجله على صفاحهما، وقال: "اللهم هذا منك وإليك" فالأوّل ضحى به عن نفسه وعائلته الكريمة، والثاني عن أمته[3]، واقتدى به من له قدرة من المسلمين, وبقيت سنة لهم إلى يومنا هذا تذكارًا لما أنعم الله به على إبراهيم -عليه السلام- من فداء ابنه, وتشبهًا بالحجَّاج في هداياهم بمنى, وتشويقًا لذلك الجمع الأكبر, ولفتح مكة الذي كان سببًا لكل خير على الأمة.
ثم إن تقريب القربان لله تعالى كان في جميع الأمم قبلنا، قال تعالى: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ} [4], وإنما الذي شرع في هذه المسألة نسيكة مخصوصة في أيام النحر الثلاثة بعينها. [1] أبو داود "1/ 295"، والنسائي "3/ 146"، ولم أجده في الترمذي. [2] الأعلى: 14، 15. [3] ثبت في ذلك عدة أحاديث, منها حديث عائشة, وأخرجه مسلم وأبو داود وأحمد, وحديث أنس وأخرجه الجماعة, وحديث جابر وأخرجه أبو داود وابن ماجه. "انظر نيل الأوطار -أبواب الهدايا والضحايا" "5/ 121". [4] الحج: 67.
اسم الکتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي المؤلف : الحجوي الجزء : 1 صفحة : 178