اسم الکتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي المؤلف : الحجوي الجزء : 1 صفحة : 149
ما هو مقبول اتفاقًا وبين ما هو مردد اتفاقًا، فأما من عرَّفَه بأنه: دليل ينقدح في نفس المجتهد تقصر عبارته عنه, فإمَّا أن يكون انقداحه في نفس المجتهد بمعنى تحقق ثبوته، فعمله به واجب, وهو مقبول اتفاقًا، وإمَّا أن يكون بمعنى أنه شاكٌّ فيه, فهو مردود اتفاقًا، ولا تثبت الأحكام بالاحتمال والشك، وقال الغزالي[1] في المستصفى: إنه هوس؛ لأن ما لا يقدر على التعبير عنه لا يدري أنه وهم وخيال, أو تحقيق، ولا بُدَّ من ظهوره ليعتبر بأدلة الشرع لتصحيحه أو تزيفه[2].
وأما من عرَّفَه كاللخمي[3] في التبصرة بأنه: كون الحادثة مترددة بين أصلين أحدهما أقوى بها شبهًا أو أقرب إليها, والآخر أبعد, فيعدل عن القياس, على الأصل القريب إلى القياس على الأصل البعيد لجريان عرفه, أو ضرب من[4] المصلحة, أو خوف مفسدة, أو ضرب من الضرر، كما نقله التسولي[5] في الرهن، وكذلك من عرَّفه بأنه: العدول عن قياس إلى قياس أقوى، أو تخصيص قياس بأقوى منه؛ كتخصيص العرايا من منع بيع الرطب بالتمر، وهو معنى قول ابن العربي[6] في الأحكام: اتفق المالكية والحنفية على أن الاستحسان الأخذ بأقوى[7] الدليلين,.............................................. [1] أبو حامد محمد بن محمد الغزالي، ت سنة 505هـ، انظر ترجمته في القسم الرابع. [2] المستصفى "1/ 281". [3] علي بين محمد الربعي، فقيه مالكي. ت سنة 478هـ "الديباج المذَّهب" "2/ 104", قد ترجم له المؤلف في أوائل القسم الرابع. [4] قال المؤلف -رحمه الله: مثاله: الطلاق بلفظ الثلاث، متردد بين أن يقاس على أمثاله من العقود كالبيع والنكاح, فيشترط في وقوعه توفر الشروط الشرعية, فلا يلزم منه الآن إلا ما ألزمه الشرع، فلا يقع إلا واحدة، وبين أن يقاس على الأيْمَان والنذور التي ما التزمه المكلف منها لزمه على أي صفة كان، فألحقه عمر بن الخطاب بالثاني, وإن كان الأول أقرب شبهًا لضربٍ من المصلحة. [5] عليّ بن عبد السلام التسولي، له كتاب البهجة شرح التحفة, في أحكام القضاء والوثائق، ت سنة 1258هـ, انظر ترجمته في القسم الرابع من الكتاب. [6] أبو بكر محمد بن عبد الله المعافري المالكي، ت سنة 543هـ. انظر ترجمته في أوائل القسم الرابع من الكتاب. [7] قال المصنف -رحمه الله: يمثل له بالجد في الميراث تعارض فيه دليلان: الأول قيامه مقام الأب في عدم الاقتصاص منه لحفيده, وعتقه عليه وعدم شهادته له بإجماع، وهذه الأحكام تقتضي أن يكون أبًا يحجب الإخوة مطلقًا، وبه قال الصديق والحنابلة وأبو حنفية، =
اسم الکتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي المؤلف : الحجوي الجزء : 1 صفحة : 149